فانصرف الجار وهو يرى جيوم يحشو غدارته بالبارود وقطع الحديد.
وفي المساء وهو مار بالمنزل رأى جيوم جالساً على أحد المقاعد بالقرب من الباب وهو يدخن غليونه بهدوء. فذهب إليه ثانية وقال:
- لست آسفاً ولا مكتئباً. لقد وجدت آثار ذلك الحيوان فلم أعد في حاجة إليك مطلقاً. ومع ذلك فقد جئت أعرض عليك أن يكون لنا سوياً.
فقال جيوم بلهجة المصمم:
- كل لنفسه.
لم يستطع فرانسوا أن يعلم ماذا فعل جيوم بعد ذلك في تلك الليلة. ولكن امرأة هذا رأته في الساعة العاشرة والنصف يحمل غدارته وقد طرى تحت إبطه كيساً رمادياً، ولكنها لم تجرؤ أن تسأله إلى أين يذهب لأنه كان من الرجال الذين لا يفضون إلى نسائهم بشيء.
وأما فرنسوا من جهته فقد عثر حقيقة على الأثر الذي انتهى به إلى حديقة جيوم، ولما لم يكن له حق في أن يكمن على إحدى أشجار الحديقة فقد أخذ مكانه في غابة تقع بين منتصف سفح الجبل وحديقته جيوم.
ولما كانت الليلة قمراء فقد رأى فرانسوا جيوم وهو يخرج من بابه الخلفي، ثم تقدم إحدى الصخور الرمادية التي تدحرجت من الجبل، وكانت تبعد عن شجرة الكمثرى عشرين خطوة، ثم وقف وأدار طرفه ليرى ما إذا كان هناك من يراه ثم تناول الكيس ووقف بدخله بحيث لم يدع من جسمه خارجاً إلا رأسه وذراعيه. وارتكز على الصخرة فأصبح من غير المستطاع تمييزه عنه نظراً لاتحاد لون الصخر والكيس وثبات جيوم في موضعه.
مر من الساعة ربعها في انتظار الدب، وأخيراً أعلن مجيئه زئير متتابع وبعد خمس دقائق رآه فرانسوا.