وارتجف حنقا ورغبة أن اقتل هذا الحيوان الذي تلحف الضرورة في بقائه
وكان فرعي يهتز لوقع خطاها وهي تتخطر في حجرتي؛ وكان قلبي يثب لحفيف ثوبها إذ تأخذ في خلع ثيابها فتدع ثوبها يقع. وتخرج منه عارية مخجلة، وكنت أحس من ريح غلالتها الملاصقة انحلالا رخيا يسري في أعضائي وأطرافي جميعا. . .
وشعرت بأنها ملتني فجاءة واجتوتني. إذ رأيت ذلك في عينيها يوما حين أصبحنا، فقد كان من دأبي أن أحنو عليها كل صباح ارقب نظراتها الأولى. . . وكنت انتظر - وصدري يدور به الخنق ويحرجه الكره والاحتقار معا - انتظر مترقبا نظرات ذلك البهيم النائم الذي يهيمن علي فأنا له عبد ذليل، ولكن ما تكاد تبدو لعيني حدقتاها الشاحبتان كليلتين سقيمتين إثر الأحضان الأخير، حتى تتقد حواسي ويضطرم كياني فكأنما نار تلهبني فتستنزف كل عزمي وقواي. لكنها حين ذلك اليوم طالعتني بنظرة مختلفة حزينة بائسة لا ترجو من العالم شيئا
آه! حقا رأيت ذلك وعلمته، ولقد شعرت به للتو وفهمته، إذ انتهى كل شيء؛ انتهى كل ما ترجو إلى الأبد، وعندي على ذلك الدليل يقوم في كل ساعة وأخرى؟
فإذاما عانقتها صدفت قائلة (هلا تركتني أذن؟) أو قبلتها فتقول (إنك لبغيض) أو تقول (أفلن اجلس حينا وادعة؟!)
حين ذلك غرت، ولكن كما يغير الكلاب. . . أثارت ما أثارت من ارتياب وكتمان وحيلة. علمت حقا أنها ما عزفت عني ألا لتفسح مجالا لآخر تذكي عواطفه وتلهب حواسه. .
غرت غيرة هادرة طائشة مجنونة، ولكني لم اكن مجنونا كلا! حقيقة كلا! وانتظرت، أه! ثم حنوت عليها ولم يخب ظني ولم تخدعني عيناها إذ ظلتا باردتين مثقلتين، وقد تقول حينذاك:(إن الرجال لتوذيني وتسئمني) وكان ذلك حقا غدوت حينئذ غيورا منها نفسها، ومن عزوفها ونفورها؛ غيورا من فراغ لياليها ووحدتها؛ غيورا من حركاتها وإشاراتها ومن عقلها الذي استشعر دائما عاره؛ وغيورا من كل ما آتوهم وأحدس ورى. وقد تلقاني صبح ليلة من ليالينا المضطرمة، بنظرة رضية ناعمة، كأنما خالطت روحها شهوة فحركت من رغباته. . . حينئذ يحتدم قلبي حنقا فتختنق أنفاسي في صدري المتحرج، وتصرخ رغبة في نفسي أن أخنقها، وأهشم عظمها تحت ركبتي، وأنشب في جيدها أظفاري، حتى