فغدوت غيورا من الجواد النهد الكريم، واجداً على النسيم العاشق إذ يحتضنها بينما تنطلق في شوط سريع أهوج؛ وغدوت حاقدا على أوراق الشجر إذ تقبل أذنيها عرضا، حاسد لأشعة الشمس إذ تلثم جبينها من بين الغضون، ولذلك السرج إذ يحملها ويلمس فخذيها البضتين
كان هذا كل ما يسرها ويغويها، ويطلق أسارير محياها ويغريها، وكان هذا كل ما يكدها ويضنيها، فتلقاني متعبة لاغبة إلى حد الإغماء. .
وأزمعت الانتقام لنفسي. وكنت أتلطف معها في الخطاب متلطفا مدللا، وكنت أمد إليها يدي لتعتمد عليهما حين تقفز عن صهوة الجواد بعد أشواطها الهوجاء المضنية. وكان الجواد يرمقني ثم يفحص الأرض صبوة وفتوة. وكانت تدلله وتربت على كتفيه، أو تحتضن أنفه اللاهث. ولا تنسى أن تمسح على رأسه وأصداغ فمه المزبد. وكان ريحها العطر يضوع من جسد تصيب منه عرق اعرف أريجه وسط الليل. وكان هذا العطر يختلف في أنفي بريح الجواد الأصهب
وطفقت أتحين الفرص أتربص الدوائر. لقد كانت تسير كل صباح في إحراج من السدر توغل في الغاب. . ففي يوم غدوت مع الفجر، وفي يدي حبل متين الفتل، وفي صدارى مسدسان محشوان كأني ذاهب إلى مباراة
وعدوت نحو الطريق التي تحب، وربطت الحبل في جذعي شجرتين متقابلتين، ثم تعقبتها في الإحراج
وكثيرا ما خبرت الأرض بسمعي. والآن سمعت وقعا رتيبا من بعيد. وبصرت بشيء من الأغصان يسبح في الهواء سبحاء اه!. . . لم أخدع فقد كان هو الجواد فقد كان النهد الأصيل. وإما هي فقد كانت نشوى من فرط السعادة محمرة الوجنتين. وتبدلت نظرات عينيها فهي الآن طروب لعوب، وتطلقت أعصابها من الهم واستراحت إلى تلك القسوة المنعزلة
ولما أن كبا الحصان بمقدمه تهشمت عظامه، وطرح بفتاتي بعيدا فلقفتها بين ذراعي القويتين حينذاك على حمل ثور سمين. وبعد أن وضعتها على الأرض في هينة ورفق دنوت منه (هو) وقد كان يحملق فينا حينذاك ويحاول أن ينهشني، فأطلقت عليهالرصاص