يريد أنه لا يتطير من السانح والبارح، ولكنه يمضي متوكلاً على الله عز وجل، ولا يستسقم بالأزلام كما كانت تفعل الجاهلية.
وقال آخر:
هم المجيرون والمغبوط جارهم ... في الجاهلية إذ يستأمر الزلم
٣ - ونلمح في الشعر العباسي أيضاً وميضاً من الإشارة إلى الأزلام أو أقداح الاستقسام فيما رواه أبو الفرج من القصة التالية، ن عن محمد وهيب الشاعر قال:
لما ولي الحسن بن رجاء بن أبي الضحاك قلت فيه شعراً وأنشدته أصحابنا دعبل بن علي وأبا سعد المخزومي وأبا تمام الطائي فاستحسنوا الشعر وقالوا: هذا لعمري من الأشعار التي يلقى بها الملوك فخرجت إلى الجبل، فلما صرت إلى همذان أخبره الحاجب بمكاني فأذن لي فأنشدته الشعر فاستحسن منه قولي:
أجارتنا إن التعفف بالياس ... وصبرا على استدرار دنيا بإبساس
حريان ألا يقذيا بمذلة ... كريماً وألا يحوجه إلى الناس
أجارتنا إن (القداح) كواذب ... وأكثر أسباب النجاح مع اليأس
فأمر حاجبه بإضافتي. فأقمت بحضرته كلما وصلت إليه لم أنصرف إلا بحملان أو خلعة أو جائزة حتى أنصرف الصيف، فقال له: يا محمد، إن الشتاء عندنا علج فأعد يوماً للوداع فأنشدنني الثلاثة الأبيات، فقد فهمت الشعر كله. فلما أنشدته:
أجارتنا إن (القداح) كواذب ... وأكثر أسباب النجاح مع اليأس
قال صدقت فلم يزل يستعيدني هذا البيت وأنا أعيده عليه، ثم قالوا عدو أبيات القصيدة فأعطوه لكل بيت ألف درهم، فعدت فكانت اثنين وسبعين بيتاً، فأمر لي باثنين وسبعين ألف درهم.