كنت أضع في مجتمعي حدودا حتى حددت حياتي، وكنت أتخذ (بطانة) تبارك ركابي، فتركت وحدي أقاصي عذابي! أين ظلال الشخوص التي كانت تظل بشمي وغروري؟ وأين مغريات الطغيان لترى بأسائي ومصيري؟
يا مالي!. . .
كانت أخيلتي مجنحة، تحلق بي إلى عالم وهمي؛ فحسبت الحياة كلها عرضا يباع بك، وكنت في سبيلك أعرض عرضي، لأحصل على مباغي نفسي الطموح، وصرت معلقا بخيوط أوهامي حتى سخرت مني الحياة!
كنت أناجيك (يا مالي) مناجاة التخليد، فلم يقع في تقديري أن قدري في يد القدر، حتى أعجزتني المعجزة التي أخرست لساني وألجمت جناني!
يا مالي!. . .
أمسترد علي مجدي؟ أم أن طول التحسر لا يجدي؟
كنت أحسب الزمن يداعبني بملهاة ضاحكة، لكن تبين لي أن الأضحوكة قد تكون حكمة!
ما ظننت يوما - يا مالي - أن المحروم المنكد العيش، سيعتز بحياته، ويكون صاحب (عزة) أصيلة عن عزتي الدخيلة!
ما حسبت أن مشقوق القدمين الكادح سيشق طريقه في الحياة على عمل جليل، ونظام متسق، ووحدة متآلفة!
يا مالي!. . .
لقد غيبتني الأعجوبة في غيبوبة العجب، وإني لمسائل نفسي كيف استحالت أوضاع حياتي في طرفة العين إلى ما أرى من شجن محترق، وألم لاذع، وحسرة موجعة؟!
يا مالي! كنت مسحورا بك، في إخذة الحب، حتى أخذت على غرة فلم يبق في قلبي سوى نداء الأسى!
يا مالي!. . لست مالي. .!
إليك الحرمان فأمتعه، ودونك الشقاء فأسعده! لم يبق لي غير خفض الجناح، بعد أن جنحت زمانا في آفاق بعيدة عن الإنسانية الفاضلة!