للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الإنصاف.

وأرجو أن تسمحوا لي بأن أعلق على ما كتبه هذا الكاتب فأقول: إن هذا الكلام لم يكتب عن إيمان ولا اقتناع؛ ولا هو كتب كذلك عن جهل، بل كتبه عن علم وعمد بأنه يخالف الواقع وحقيقة الحال مخالفة صارخة، بل إن هذا الكلام قد كتب عن هوى آثم. فالذي يتصدى للكتابة في الصحف عن العلوم والفنون وعن الأدب والأدباء لا يمكن أن يجهل حقيقة طه حسين ولا أن يكون مقتنعا بمثل هذا الذي تضمنه المقال. وليس ذلك في مصر فحسب بل في الشرق كله. ولا تحسبنا مبالغين إذ نقول أنه ما من أديب أو ناقد اليوم في مشارق الأرض ومغاربها يجهل حقيقة طه حسين ويمكن أن ينساق إلى ما انساق إليه الكاتب فيصف الأستاذ العميد بمثل ما وصفه الكاتب. ورأيي أن المقال كان جديرا بأن يهدر جملة ولا يعلق عليه ولا يشار إلى كاتبه برغم أنكم صححتم الأوضاع واعترفتم لصاحب الفضل بفضله وسجلتم صفحة فخار مجيد لعميد الأدب، فاعتقادنا الكاتب بمقاله أراد شيئا غير ما تضمنته عباراته من كلمات ومعان، أراد به أن يثير معركة أدبية يكون هو بطلها! ولا عليه أن يكون ذلك على حساب رجل ظاهر الفضل كريم عف القلم عف اللسان. وثمة نفوس تستهويها الغاية ولا تعبأ بالوسيلة.

ألم يبلغ علم الكاتب أن طه حسين كان الكاتب المضطهد في عصر الملكية وأنه كان يسافر إلى الخارج فيحال بينه وبين العودة إلى الوطن وتشترط في سبيل عودته الشروط.

ألم يبلغه أن طه حسين كان يكتب في كبرى صحف مصر فتتدخل السراي - أو يتدخل أذنابها - ليحال بينهم وبين هذه الكتابة، وأن اللجان المختصة كان يقع اختيارها على كتبه لتقرأ أو تدرس في المدارس أو تكون محل تقدير فيتدخل كذلك ليحال دون هذا الاختيار أو يحال دون تنفيذ القرار؟

كان على الكاتب أن يتقي الله في الناس. فطه حسين مثل يحتذي في الإصرار على الحق والثبات على المبدأ والاعتزاز بالكرامة.

ولعل من اليسير أن يعلم الناس - فما بالنا بالأدباء والنقاد والكتاب - أن انضمام الدكتور إلى الوزارة الوفدية كان لها نصرا بل كان لها فخرا. وقد سعت إليه كل السعي وهو قد قبلها تحت تأثير فكرة واحدة هي تنفيذ السياسة التي يعتنقها في التعليم؛ وبرغم حرصه على

<<  <  ج:
ص:  >  >>