للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

اتخذته أولاً يلائم على أية حالة ما يكتنفني الآن من ظروف، أم لست ترى الأمر كذلك؟ ثم هل هو حقيق عندي بالرفض أم بالقبول؟ إن كثيراً ممن يزعمون لأنفسهم رجاحة الرأي يذهبون فيما أعتقد إلى هذا الذي أشرت إليه من قبل، وهو أن من الناس بعضاً يجدر بآرائهم الاعتبار، وأما بعضهم الآخر فلا يصح أن يؤبه له. وإنك يا كريتون لست مقبلاً غداً على موت، أو ليس هناك احتمال بشري بهذا على الأقل، فأنت إذن حكم صالح، لا يؤثر فيك الهوى ولا تميل بك ظروفك وموقفك عن جادة الحق. حدثني إذن: ألست مصيباً فيما أزعم، بألا نقدر من آراء الناس إلا بعضها فقط؟ لقد أخذت بهذا الرأي، وأنا أسألك هلا تراني قد أصبت فيما ارتأيت؟

كريتون - ليس في ذلك ريب

سقراط - ألا يجب أن نحفل بما يقوله أبرار الناس دون شرارهم؟

كريتون - بلى

سقراط - وما يرى الحكماء فهو خير، وما يرى غير الحكماء فهو شر

كريتون - لا شك في ذلك

سقراط - لننظر ما قيل في غير هذا الموضوع، هل يطلب إلى طالب التمرينات البدنية أن يصغي إلى القدح والثناء، والى رأي كل إنسان فيه، أم يجب أن يستمع إلى رأي رجل واحد فقط - هو طبيبه أو مدربه كائناً من كان؟

كريتون - إنه يستمع إلى رأي رجل واحد فحسب

سقراط - أينبغي أن يخاف اللوم وأن يرحب بالثناء يوجهه ذلك الرجل وحده، وألا يأبه للوم الناس ومدحهم؟

كريتون - بدهي ما تقول

سقراط - ويجب أن يعيش ويدرب، وأن يأكل ويشرب، على نحو ما يبدو صالحاً لذلك المعلم الأوحد، وهو عليم بأمره، فذلك أجدى من السير تبعاً لما يراه سوى معلمه من الناس ولو كانوا أجمعين؟

كريتون - هذا حق

(يتبع)

<<  <  ج:
ص:  >  >>