ذلك من يسارع إليه، إلا إذا منح ميزات كثيرة تبرز تفضيله على المدارس في نظر أولياء الأمور، وهيهات أن يكون ذاك، وهو بوضعه الراهن بعيد كل البعد عن الثقافة الحديثة، واللغات الحية، التي تفتح أبواب المستقبل ونوافذ الأمل للشباب.
على أن كثيرا من أساتذة الأزهر ورجاله يشاركون الزيات رأيه بكل قوة وتعضيد. وأذكر أن الأستاذ الدكتور محمد يوسف موسى قد كتب مقالا حارا بالأهرام (صيف سنة ١٩٥٠) يقترح فيه ما سبق أن اقترحته الرسالة بشأن الأزهر، ففتح مجالا كبيرا للمناقشة وتلقت جريدة الأهرام سيلا من التأييد والمعارضة يوحي بالاهتمام والتقدير، بل إن الدكتور محمد يوسف موسى قد أعلن رأيه هذا في مجلة الأزهر وهي الصحيفة الرسمية للأزهريين، فلم يثر اعتراض الشيوخ آنذاك، أما خارج الأزهر فأكثر رجال التربية يضجون من الثنائية الحمقاء، التي تبدد وحدة الثقافة بين أبناء الأمة الواحدة. وقد دعا وزير المعارف الأستاذ إسماعيل محمود القباني في كتابه الذي أصدره أخيرا عن سياسة التعليم إلى توحيد الثقافة، وتحويل المعاهد الأزهرية إلى مدارس ابتدائية وثانوية، لتتم الوحدة الثقافية في وادي النيل، وأنا أرى أن السبيل ميسر إلى ذلك كل التيسير، إذ أن مدرسي اللغة العربية والدين - وهم أكثرية - في مدارس الوزارة من الأزهريين، كما أن مدرسي المواد المدنية في المعاهد الدينية من رجال التعليم بالوزارة، فلم يبق إلا أن تتحد البرامج وتتفق المناهج. وإذا كانت عناية المدارس الآن باللغة العربية والدين الإسلامي واهنة ضعيفة، فلنشد أزرها شداً قوياً متواصلاً، ليكون جميع التلاميذ مثقفين في دينهم ولغتهم دون تمييز بين فريق وفريق.