للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

شعره من مفاخر الجيش في عهده. فهو يصور العصر الذي عاش فيه تصويرا صحيحاً لا مبالغة فيه ولا إغراق. وإن قصيدته لتشبه أن تكون لوحة فنية يخيل لمن ينظر غليها انه يلمح فيها كتائب الجيش المصري تسير إلى ميادين الحرب تحف بها أعلام النصر والظفر. تخوض غمار القتال بقلوب ملؤها الشجاعة والإقدام، وتجابه الأخطار قوية الإيمان، ثابتة الجنان، مجهزة بالسلاح والمدافع (تجود به معاملنا). ولو لم يشهد رقاعة مفاخر الجيش المصري في ذلك العصر لما جادت قريحته بهذا الشعر. وهكذا يتأثر الشاعر والأديب بالعصر الذي يعيش فيه، والبيئة التي تحيط به، ويصور الحياة على عهده. فكأنما هو قطعة من عصره، أو مرآة تنطبع فيها مشهد الحياة السياسية والاجتماعية، ومظاهر الحالة الفكرية والأخلاقية.

وإنك لتلمح أيضاً عظمة الجيش المصري من قول رفاعة في قصيدة أخرى يخاطب فيها الجنود.

يا أيها الجنود ... والقادة الأسود

إن أمكم حسود ... يعود هامي المدمع

فكم لكم حروب ... بنصركم تؤوب

لم تثنكم خطوب ... ولا اقتحام معمع

وكم شهدتم من وغى ... وكم هزمتم من بغى

فمن تعدى وطغى ... على حماكم يصرع

وتتحلى روحه الوطنية المتطلعة إلى الحرية في تعريبه نشيد الحرية (المارسلييز) فإن النفس لا تميل إلا إلى ما هو محبب إليها. فهذا النشيد قد استثار ولا شك إعجاب رفاعة رافع، حتى مالت نفسه إلى تعريبه، وإظهار ما احتواه من العواطف الوطنية الفدائية في حلة عربية قشيبة.

وإذا تأملت في شعر رفاعة رافع الذي نقلنا طرف منه وجدت فيه تقدما نسبيا إذا قارنته بأسلوب شعراء المدرسة القديمة التي سبقته كالشبراوي والعطار والخشاب وغيرهم. ويعد شعره دور الانتقال إلى دولة الشعر الحديثة التي حمل لواءها البارودي وإسماعيل صبري وشوقي وحافظ.

<<  <  ج:
ص:  >  >>