فردوا عنان الخيل نحو مخيم ... تقلبه بين البيوت نسيم
وشدوا له الأطراف من كل وجهة ... فمشدود أطراف الجهات قويم
إذا لم سيفاً فكن أرض وطأة ... فليس لمغلول اليدين حريم
وختم خطبته بقوله: وأحسن ما يؤرخ به اسم الجهادية عند النوازل أن يقال (مات شهيد الأوطان!) فنادى الجميع (رضينا بالموت لحفظ الأوطان!)
ولما شبت الحرب العرابية لازم النديم عرابي في كفر الدوار ثم في التل الكبير، وكانت مجلته (الطائف) تصدر في معسكر الجيش المصري.
وبعد أن وقعت الهزيمة ظل مخلصاً للثورة في محنتها. فبرهن على وفاء نادر ووطنية أصيلة عميقة. وكان ممن أمرت الحكومة باعتقالهم، وعجزت عن التعرف إلى مقره والقبض عليه، وظل مختفياً عن عيونها وجواسيسها نحو تسعة أعوام. وأعيا الحكومة أمره وجعلت ألف جنيه لمن يرشد عنه ولكنها لم تهتد إليه.
وقد وصف ما لقيه من الشدائد أثناء اختفائه في قصيدة تفيض إيماناً وفخراً وشجاعة. وهي من غرر قصائده. قال:
أتحسبنا إذا قلنا بلينا ... بلينا أو يروم القلب لينا
نعم للمجد تقتحم الدواهي ... فيحسب خامل أنا دهينا
تناوشنا فتقهرنا خطوب ... ترى ليث العرين لها قرينا
سواء حربها والسلم إنا ... أناس قبل هدنتها هدينا
إلى أن قال:
إذا ما الدهر صافانا مرضنا ... فإن عنا إلى خطب شفينا
لنا جلد على جلد يقينا ... فإن زاد البلى زدنا يقينا
ألفنا كل مكروه تفدى ... له فرسانه بالراجلينا
فأعيا الخطب ما يلقاه منا ... ولكنا صحاح ما عيبنا
سلينا يا خطوب فقد عرفنا ... بأنا الصلب صلنا أو صلينا
وقري فوق عاتقنا وقولي: ... نزلت اليوم أعلى طور سينا
علينا للعلا دين وضعنا ... عليه الروح لا الدنيا رهينا