الذي سنشير إليه أثناء الكلام عنها. وقد جاء في المقدمة أيضاً بحث شيق للمشاكلالتي تكلمنا عنها. أما فيما يختص بأسلوب الحوار فإن المازني يرفض الكلام العامي لخلوه من دقة التعبير وعدم ثباته، في حين إن العبارات الفصيحة آخذةً في التقدم والتهذيب يوماً بعد يوم. ويعارض المازني أيضاً في مقدمته هيكل بيك فيما يراه من أن العوامل الاجتماعية في مصر تحول دون خلق القصة المصرية. فإن القائلين بهذا الرأي يفترضون خطأ أن القصة الغربية هي النموذج الوحيد للفن القصصي. ولكن لم لا يكون هناك قصة مصرية قائمة بذاتها تميزها مميزات خاصة؟ ويرى المازني أن الحياة الاجتماعية في مصر لا تقوم عقبة في وجه أي كاتب بارع الخيال. ويقول إننا إذا سلمنا بأن وجهة المصريين وأفكارهم فيما يتعلق بالحب، تختلف عن وجه الأوربيين في ذلك، فلا يتحتم أن يكون ذلك عقبة كأداء في سبيل القصة المصرية. ولم تكون عاطفة الحب ذاتها هي المحور الأصلي الذي تدور حوله القصة؟ ويضيف المازني أن ما يتخيله الكتاب من ضيق مجال القصة المصري، إنما هو (نوع من الهستيريا) لا أقل ولا أكثر.
على أن القصة نفسها لا تحقق ما ينتظره منها المرء بعد هذه المقدمة. وليس ذلك لأنها أخفقت في الخطة أو في تفصيل المواقف وتصوير الأشخاص أو غير ذلك من المسائل الفنية. كلا فإنها من هذه الوجوه أحسن قصة في الأدب العربي على ما أعلم، ويتجلى في هذه القصة تلك الروح التي ينفرد بها المازني من جميع معاصريه أعني تلك الرقة هاتيك الروح الفكاهية التهكمية التي تظهر في كتاباته. ويسير القصص فيها سيراً حثيثا وفي سهولة كما أن الحوار سهل طبيعي وقد جاءت الانتقادات الاجتماعية والتحليلات النفسية (التي قصد إليها المؤلف بطريقة مضمرة في ثنايا الكلام) أكثر منها صريحة واضحة. ولكنها على الرغم من ذلك (فيما عدا أشخاصها وأوضاعها) ليست قصة مصرية بالمعنى الذي يفترضه المازني نفسه، وأكبر دليل على ذلك إن بطل القصة عبارة عن شخصية غريبة لا تكاد تنطبق إلا على القليلين من المصريين، وربما كان الناشر مصيباً في أن اتفاق الاسم بين المؤلف وبطل القصة لم يكن أمراً خيالياً محضاً. والقصة ذاتها غربية في المشاعر والمثل كما هي كذلك في المسحة الأدبية وفي الموضوع الذي تدور حوله. ودراسة عاطفة الحب قائمة على أساس غربي لا شرقي وحتى المظاهر الخارجية ذاتها من حيث