على ندوة من ندوات الشعر في جمعية الشبان المسيحية إذ قال:(وفيما شاهدت أكبر برهان أكبر برهان أرد به على دعوى الذين يزعمون أن الأدب في محنة - فالشعر كان جدولاً واحدا لا يتغير قي عهد شوقي، وقد تعددت ألوانه ومذاهبه) هذا ما قاله (أبو حديد) لأنه استطاع أن يبرح البرج العاجي الذي يقبع فيه كبار الأدباء في هذه الأيام وشاهد بعينيه ندوات الشباب التي لم يكن لها نظير في عهد شوقي وحافظ. . .
ويقول الأستاذ (سعيد العريان) إن الكتاب الجيد لم يعد يطبع منه إلا بضعة آلاف نسخة لا تنفذ في أقل من عامين - فهذا كلام حق ويجب أن يكون - فالقراء اليوم - وهم كثير - قد عرفوا معنى التعاون؛ فالكتاب الواحد يقرؤه العشرات من طلاب المعرفة بواسطة التبادل الثقافي فيما بينهم وأصبحوا يقصدون دور الكتب المختلفة - خاصة وقد أصبح في كل مدرسة مكتبة، وفي كل شارع من شوارع القاهرة وفي كل مدينة من مدن القطر مكتبة أو أكثر تتوفر فيها أسباب الراحة لطلاب المعرفة. .
وإذا أردت دليلاً على كثرة القراءة وارتفاع المستوى الثقافي في مصر فاهبط يوماً إلى حديقة الأزبكية حيث تجد الآلاف من عشاق الثقافات المختلفة يهومون حولها ويحدقون بعيون ظمأى إلى أكداس الكتب البالية المرصوصة على سور الحديقة، ولا يضنون في سبيل الحصول عليها بالقروش اليسيرة التي تفضل عن (قوتهم). أما أن يطبع لهم كتاب جيد ويفتن صاحبه في انتقاء الورق واختيار الغلاف وتحليته بالصور الجميلة ثم يطلب منهم الثمن الباهظ، فهذا ما لا يستطيعه إلا القليل. وإن أردت التأكد من ذلك فاسأل دور النشر التي تطبع الطبعات الرخيصة في هذه الأيام كدار الهلال، ودار كتب للجميع. . وغيرها، عما تبيعه من هذه الكتب فسوف تسمع ما يسرك وما يجعلك تعود فتقول: حقاً إن عدد القراء قد زاد زيادة عظيمة.
ولقد زاد عدد القراء أضعاف ما كان عليه والمتعلمون لا يزيدون عن المليون. ولقد أصبحت الأفكار والآراء التي كانت وقفاً على عدد قليل فيما مضى من كبار المثقفين - في متناول جمع طبقات الشعب يلغطون بها في أحادثهم اليومية، وقد يتندرون بالمسف منها، وإن الأدب الذي كان يهلل له جمهرة القراء فيما مضى، لم يعد يرضي أذواقهم كثيراً في هذه الأيام. وإنهم ليتطلعون إلى الأدب الحي الذي تصوره الأقلام المصرية الأصيلة أصدق