صحبت الهوى طفلاً صغيراً ويافعاً ... وما زال بي حتى استقر بداخلي
فأحسسته نبعاً جرى فوق ما حل ... بعمري، فواها إذ غدا غير ما حل!
وأحسسته نوراً يعانق مهجتي ... وينساب في قلبي انسياب الجداول
وأحسسته شعراً يغنيه خافقي ... فترويه عنه شاديات الخمائل
وأحسسته سحراً تسرب في دمي ... كما غاب في الصهباء ماء المناهل
وأحسسته عطراً يبوح لعالمي ... بأسرار ما ضمت رقاق الغلائل
وأحسسته خمراً ترنح مهجتي ... كما رنح الأزهار قر الشمائل
وأحسسته طيراً يرفرف شادياً ... بآفاق أيامي كشدو البلابل
وإني لأهوى الحب لو إنه ... يعذب قلبي بالشقاء المواصل
عرفت به معنى الحياة وروحها ... وأدركت سر الكائنات الأوائل
وردت به في كل حين مجاهلاً ... فأحدثت لي علماً بتلك المجاهل
وعشت به عمراً قصيراً، وإن يكن ... بأسراره فوق المدى المتطاول
فيا حبها زدني التياعاً وحرقة ... وهب لي لهيباً في الحشا غير زائل
فإن لهيب الحب يذكي مشاعري ... فينساب منها مثل ضوء المشاعل
ويا من رماني الدهر فيها بنأيها ... وضن على قلبي بسحر التواصل
ومن جن قلبي في هواها صبابة ... وإن كان عقلي لم يزل شبه عاقل!
هبيني أضعت العمر فيك، ألم أفد ... من الشعر مجداً عمره غير آفل؟
وإن كان قلبي أصبح اليوم يائساً ... فما كان يوماً في هواك بآمل!
ولست بناس إذ بعثت رسالة ... إلي بأمر من وصالك عاجل
فجن خيالي باللقاء وسحره ... وصور لي أني سأحظى بنائل
وأنك قد وافيتني في خميلة ... عليها نسيج من ضياء الأصائل
فأمسكت كفي بين كفيك ساعة ... فأسكر روحينا عناق الأنامل
وأنشدت شعري فيك، وهو مدامع ... من القلب، أصفى من دموعي السوائل
وغنيتني شعر الهوى، فكأنني ... ذهلت عن الدنيا، ولست بذاهل
وأنا أقمنا وحدنا طول عمرنا ... فأصبحت لي وحدي برغم الحوائل