ومع أننا في عصر ترجمة ونقل في كثير من النواحي الفكرية، فان هذا السيل يجرفنا بلا تحفظ، ويطغي على الأنتاج القومي بشدة. ومن الصعب أن نتحدث في أمر الحماية الرسمية الفعلية في هذه النواحي، ولكنا نشعر في أحيان كثيرة بالحاجة إليها. ولو أمكننا ببعض الوسائل المعقولة أن نحد من تدفق سيل الآداب الأجنبية المتوسطة أو الوضيعة، وأن نحصر الترجمة في حدود القيم المنتج، لكان في ذلك ما يشجع الآداب المحلية، ويعضد الانتاج المحلي؛ ولاشك أن انصراف القراء عن التهافت على هذه الأنواع من الآداب الأجنبية يقابله من الناحية الأخرى شيء من الاقبال على الأدب المحلي؛ وإذا نما هذا الاقبال، ترتب عليه حتماً انتعاش الأدب المحلي وتقدمه؛ والتعضيد أكبر عناصر التشجيع وشحذ العقول والههم. وكلما زاد هذا الاقبال والتعضيد تقدمت الحركة الأدبية وارتفع معيار الانتاج الأدبي
على أن المسألة معقدة من الوجهة العملية. ومن الصعب أن نتصور الوسائل أو الاجراءات المعقولة التي يمكن أن تحقق بها مثل هذه الحماية دون مساس بسير الحركة العقلية، وحركة الاقتباس الفكري التي نحن في أشد الحاجة إليها. وأصحاب هذه الفكرة في فرنسا يجدون مثل هذه الصعوبة في التماس الوسائل العملية لتحقيقها. وكل ما يمكن قوله، تمشياً مع أصحاب الفكرة هو أن الحماية الاختيارية هي خير وسيلة لحل المشكل، أو بعبارة اخرى إن هذه الحماية يمكن تحقيقها بالتطوع والرغبة في تشجيع الآداب القومية من جانب القراء والمثقفين، وإغفال الآداب الأجنبية التي لا تحمل قيمتها أو نوعها على وجب الانتفاع بها
وقد يعترض عشاق الثقافة الأجنبية بأن الانتاج الأدبي المحلي لم يرتفع إلى الحد الذي يحقق بغية المثقفين وطلاب المتاع الفكري الرفيع، ولكن المحقق هو أن هذا التقدم المنشود لايمكن تحقيقه دون تشجيع قوي فعال؛ والطبيعي هو أن يتقدم التشجيع اولاً، فاذا ظفر الانتاج المحلي بهذا التشجيع، أستطاع أن يظفر بفرض التقدم والصقل والنضوج
ميشيل آنجلو وعصره
منذ حين أصدر الكاتب المؤرخ الألماني هيرمان جريم كتاباً عن الفنان الايكالي الاكبر ميشيل آنجلو وعصره، فكان لصدوره وقع عظيم في الدوئر الأدبية والنقدية. ومنذ أسابيع