للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بلغ (مقام) الفقر أن يجرد نفسه من الشعور بالحاجة إلى المادة ويقتلع من جوانحه التفكير في ضرورتها، وعندئذ فقط يصبح في مقام الفقير المتصوف

وهناك اختلاف آخر، فالقير الذي يتمسك بالفقر ويعتقد اعتقاداً جازماً بتفوق الفقر وماله من فضل على ضروب الغنى طمعاً في مكافأة ربانية ليس متصوفاً حقاً، ذلك لأنه يحمل مشقة الفاقة ويصدف عن المشاعر بالمسرات الدنيوية خشية خسران المبرة الربانية وأجر الصبر، وهذا لا يغني فتيلاً، بينا أن التصوف الحقيقي لا يترك ما في هذه الحياة من ملاذ ومُتَع لقاء ثوابفي الحياة الأخرى، بل هو يبتعد عنها لما يجده في سلوكه هذا وفي حالته من الجزاء الأوفى. وهكذا نرى أن الاختلاف بين واضح، الواحد يتخذ الفقر وسيلة للثواب والأجر، بينا أن الثاني يبتغي الفقر غاية وأملاً

١ - عقيدتهم في التوحيد: إن شيوخ هذه الطريقة بنوا قواعد

أمرهم على أصول صحيحة في التوحيد. فمن تصفح كلامهم

وتأمل في ألفاظهم ألغى في مجموعه ما يؤكد له أن هؤلاء

القوم عرفوا صفة الخالق فوجدوه، وشهدوا بقدمه فنزهوه عن

الحدث

والتوحيد هو الحكم بأن الله واحد، وفي ذلك نفي التقسيم لذاته ونفي التشبيه عن حقه وصفاته ونفي الشريك معه في أفعاله ومخلوقاته. وينقسم إلى ثلاثة أقسام: توحيد الحق للحق، وهو علمه بأنه واحد وخبره عنه بأنه واحد، والثاني توحيد الله سبحانه للخلق وهو حكمه بأن العبد موحد، وخلقه هو توحيد العبد في قرارة نفسه، والثالث توحيد الخلق لله وهو علم العبد أن الله تعالى واحد وإخباره عنه بأنه واحد

٢ - في المحبة: المحبة عُرفاً هي ميلك إلى الشيء بكليتك، ثم

إيثارك إياه على نفسك ومالك وموافقتك له سراً وجهراً. وجاء

في كتبهم على لسان المولى عز وجل أنه قال: ما تقرب إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>