كالحال مع كل شيء آخر عن طريق الحس والشهوة) وكقوله أيضاً (لقد تسكعت هنا وهناك كي أستطيع أن ألمس كل من يتسكع - إن قلبي يفيض بالحنان والحنين إلى كل من لا يعرف أين مكان دفته. وأحب حباً مفرطاً كل من يهيم بالتجوال والتصعلك)
ثم انظر كيف لا يستطيع الفرار في هذا الكتاب أيضاً من إحساسه الديني حين يقول:
كنت أقرأ (عقيدة العلم) لفيخت فشعرت بأنني سأعود متديناً من جديد
وفي قصة ' (١٩٠٢) نرى عبقرية جيد، وتأثره العميق بالفيلسوف نيتشه، قد تعاونا على إظهار فكرة (التحرر الأخلاقي) حيث نرى بطل القصة (ميشيل) - وهو رجل مريض - يتقدم نحو الشفاء كلما حرر نفسه من الأوضاع الأخلاقية
وفي (١٩٠٩) و (١٩١١) و (١٩١٩) نرى جيد - وخصوصاً في القصة الأولى - يعالج شخصيات تخالف تماماً في تفكيرها ونزعتها ما نراه من الأفكار والنزعات في الأعمال الأولى، لأن الأولى استسلام مطلق لنداء الحياة، والثانية استسلام مطلق لنداء العاطفة الدينية.
فبينما نرى (ميشيل) في قصة ' ذلك الثائر على نظام الأسرة، الهاجر لماله وزوجته، المتمرد على الراحة والأستقرار، الراغب في الرحيل إلى أبعد مكان، الواجد في الحرية الجسدية والانطلاق الحسي شفاءه العاجل. نرى أيضاً (أليسا) في قصة تلك الفتاة الوادعة المتقشفة التي تغمرها العاطفة الدينية حتى تدفعها إلى رفض الزواج من أبن عمها (جيروم) الذي تحبه لكي تقصر نفسها على الاستسلام لاحساساتها الدينية، وتقترب من الله الذي تسميه (الأحسن)
ولاشك أن القصي العبقري هو الذي يرسم لنا بين حين وآخر صوراً إنسانية متباينة تختلف كل الاختلاف عن شخصية راسمها الذي تسمو عبقريته كلما استطاع التجرد من كل مؤثر ذاتي. وهذا هو ما نراه في قصتي , للقصصي العظيم بلزاك، والقصتان تقتربان من حيث تناقض نفسية الشخصيات من قصتي جيد وعلى أن الفرق بين بلزاك وجيد - من هذه الناحية - أن بلزاك في قصتيه يرسم لنا شخصيات خارجة عن نفسه. أما جيد فكل شخصية من شخصيات قصصه عبارة عن فكرة متحركة من أفكاره. ففي قصتيه السابقتين تراه يختفي وراء شخصيتي (ميشيل) و (أليسا)، فشخصة (أليسا) هي صدى حياة جيد