للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ثم انتقل إلى مدح شيخه ومضى فيه مثل قوله:

ملأ النواظر منه إج ... لالا وليس له نظير

وحماه ينفك الأسي ... ر به ويستغنى الفقير

منن تذل لها الرقا ... ب ولا يقوم بها الشكور

وجرت لنحو حماك آ ... مالي وأنت بها جدير

خذها على شرط الصيا ... رف إن ناقدها بصير

أليس هذا قولاً يترجم عن ... قلب جياش وخيال وثاب؟

وقال في بعض مجالسه:

هات لي قهوة الشفا من شفاهك ... وإسقنيها على فخامة جاهك

عاطينها يا أوحد العصر لطفا ... وبديع المثال في أشباهك

يا غزالاً لو صور البدر شخصا ... ليضاهيك في البها لم يضاهك

عاطنيها جهراً شفاها ولا تخ ... ش ملاما فلذتي في شفاهك

وأرسل إلى صديق له:

ذكرتك لا أني نطقت وإنما ... ذكرتك في نفسي فكنت سميرها

ذكرتك في روض تبسم عن شذا ... وقد فتحت كف النسيم زهورها

ذكرتك والأطيار تنطق عن هوى ... كأنك قد آويت منها ضميرها

فلا خير في أرض إذا لم تكن بها ... سميراً ولا في روضة لن تزورها

ذلك مثل من أدب حي حياة تنبض قوية، يتفتح عن زهر نظير غض، وهو في الوقت عينه أدب عميق قوي، تسمع منه نغمة حلوة بليغة تدل على روح شعب محس بنفسه آخذ في سبيل الحياة والشباب

فالحق أن شعب مصر في القرن الثامن عشر، كان آخذاً في سبيل نهضة حقيقية في كل جوانبه، نهضة وطنية صرف لا تشوبها رطانة أجنبية ولا لوثة أعجمية ولا سيطرة غربية. نهضة لو سارت في سبيلها وبلغت قصاراها لكانت مصر بها اليوم في مستوى اليابان أو إيطاليا أو فيما هو فوق ذلك. غير أن القرن الثامن عشر، وا حسرتاه، انتهى بنكبة شاملة وداهية فادحة بإغارة الفرنسيين على مصر، واكتساحهم كل آثار تلك النهضة الشابة فقضى

<<  <  ج:
ص:  >  >>