أنه أيضاً مجنون لأنه شرب مع الشاربين، ولا يوجد في المملكة من لم يشرب من ماء النهر سواهما، فيحزن الملك لذلك أشد الحزن، ويذهب، ويذهب مع وزيره الى معبد القصر يسألان السماء الغوث والرحمة. . . .
يخرج الملك والوزير من باب فتدخل من باب آخر الملكة ورأس الأطباء وكبير الكهان، ويبدو الجزع على وجوههم، ويتحدثون عن الملك ووزيره اللذين أصيبا بالجنون لامتناعهم عن الشرب من النهر دون جميع الناس، وتسأل الملكة رأس الأطباء وكبير الكهان أن يستخدما الطب ويستنزلا المعجزات لإنقاذ الملك من هذا الجنون المفرط فلما يُظهر كل منهما عجزه عن رده الى صوابه تحزن الملكة لذلك أشد الحزن وتشير عليهما ألا يذيعا الخبر لأن المصيبة سوف تكون فادحة لو علم الناس أن الملك والوزير قد جنا. وتبكي المكلة زوجها الذي أصبح معتوهاً لا يذكر النهر إلا في فزع، ويزعم ن ماءه مسموم ولا يشرب إلا نبيذ الكروم، وبينما هي تدير الرأي معهما تلمح الملك آتيا عن بعدن فتطلب منهما أن يتركاها منفردة معه، لعلها تستطيع أن تقنعه بأن يشرب من ماء النهر، ثم يقبل عليها الملك، فيتفرس كل منهما في صاحبه وفي قلب كل منهما إشفاق على الآخر لما أصابه من الجنون، فتسأله الملكة عن السر في هذه النظرات العميقة، فيجيبها أنه يسأل السماء أن تستجيب دعاءه، فتفرح الملكة لهذه الرغبة في الشفاء وتخبره أنها عثرت على الدواء المطلوب، وأن هذا الدواء هو أن يشرب من ماء النهر، فيغتم الملك ويعود الى حزنه ويأسه، لأنه كان قد ظن أن الملكة قد اهتدت الى دواء لشفاء جنونها، ويخرج صارخاً بوزيره ينجده.
أما الوزير الذي كان في خارج القصر فيدخل على الملك في تلك اللحظة وهو يرتجف من الخوف ويخبره أن جميع الناس أصبحوا يعتقدون أن الملك ووزيره قد أصيبا بجنون، أما هم فعقلاء؛ فيدهش املك لذلك أشد الدهش ويدور بينه وبين وزيره الحوار الآتي:
الملك: صه! من قال هذا الهراء. . . . . .؟
الوزير: تلك عقيدتهم الآن
الملك:(في تهكم حزين) نحن المصابان وهم العقلاء. . . .!