للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

١٧٧٠ - ١٨٣١

حياته

ولد (هيجل) في (استتجار) وأكب في بدء نشأته على اللاهوت كزميله من قبل، فقضى خمسة أعوام في جامعة (توبنج) حيث تعرف فيها الى (شيلنج) ونشأت بينهما صداقة متينة. . . وبينا أعوام يركب مركب الحيرة من دنياه مات أخوه؛ فأحيا ما ورثه منه في نفسه شيئاً من الأمل الذي كاد ينطفئ بعد إيماض. فعاد الى (ابنا) حيث التقى للمرة الثانية (بشيلنج) وأخرج معه المجلة الفلسفية. ولم يكن هيجل حتى ذلك الحين ليطمع في أكثر مما بلغ أو يمد عنقه الى أكثر مما نال، ولكن عبقرية هيجل أخذت تميط اللثام عن وجهها وتدرج بدون استحياء، وظهرت براعته وحرية تفكيره في المقالات التي حبرها للذود عن أراء زميليه، وكأن الحظ أراد أن يواتيه مرة أخرى، فترك (شيلنج) منبر الجامعة، فاتسع المجال لهيجل لإبداء قوته وإظهار مقدرته؛ فعجل ذلك في تعيينه أستاذاً. وفي عام ١٨٠٦ حين كان المدفع يلعلع في (ابنا) أنجز الفيلسوف كتابه

' الذي يحتوي على جميع نظراته الفلسفية. وازاء هذه الضربات التي نزلت ببلاده، وقف وقفة المتأمل ونظر إليها والى عللها نظر الفيلسوف. وقد كتب الى أحد أصدقائه هذه الرسالة. . (قد سر نفسي ما علمته عنك بأنك عازم على قضاء الشتاء مستسلماً الى العزلة والفلسفة، وقد تحب الفلسفة العزلة الهادئة؛ ولكنها مع ذلك لا تحتاج الى أن تكره المجتمع أو أن تفر من أعمال الناس. . وأنت، أنت معير انتباهك لتاريخ اليوم، وفي الحق لن تجد أبلغ منه ولا أوعى، هو يريك أن الحضارة لا بد غالبة على البربرية، وأن العقل الذي يفر سوف يقهر الفطنة المسكينة التي لا تفكر، العلم هو حصننا المنيع. . . يعلمنا ألا نبقى فاتحين أفواهنا كالمتثائبين أمام الحوادث، لا نجعلها وليدة مصادقة غريبة أو ابنة براعة رجل واحد، ولا أن نقيد حظ نصر مملكة بربوة كان يجب عليها امتلاكها، أو بأخرى أهملت نسياناً، ولا أن نرسل الأنين حزناً وراء انتصارات قضى عليها جور الحظ. إن ثورة فرنسا الدامية قد أنقذت الشعب الفرنسي من أوضاع شوهت النفس الإنسانية وخنقت أراوح الشعوب كما خنقت روح هذا الشعب، كل فرنسي ألف أن يتمثل مصرعه أمامه،

<<  <  ج:
ص:  >  >>