فاذا لم تًصيب المرأة رجالها القوي - وهو الأهم الأغلب - لم تستطيع أن تكون معه في حقيقة ضعفها الجميل، وعملت على أن يكون الرجل هو الضعيف، لتكون معه في تزوير القوة عليه وعلى حياته. وبهذا تخرج من حيزها، وما أول خروج النساء إلى الطرقات إلا هذا المعنى؛ فان كًثُر خروجهن في الطريق وتسكعن ههنا وههنا فانما تلك صورة من فساد الطبيعة فيهن ومن إملاقها ايضاً. . .
قال الشيخ: وكأن في الحديث الشريف إيماء إلى أن من بعض الحق على النساء ينزلن عن بعض الحق الذي لهن إبقاءً على نظام الأمة، وتيسيراً للحياة في مجراها؛ كما ينزل الرجل عن حقه في حياته كلها إذا حارب في سبيل أمته، إبقاءً عليها وتيسيراً لحياتها في مجراها. فصبرُ المرأة على مثل هذه الحالة هو نفسه جهادها وحربها في سبيل الأمة، ولها عليه من ثواب الله مثلُ ما للرجل يُقتلُ أو يُخرج في جهاده
ألا وإن حياة بعض النساء مع بعض الرجال تكون أحياناً مثل القتل، او مثل الجرح، وقد تكون مثل الموت صبراً على العذاب! ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لِمُروجةٍ يسألها عن حالها وطاعتها وصبرها مع رجلها:(فأين أنت منه؟)
قال ما آلوه ما عَجَزْتُ عنه! قال:(فكيف أنتِ له؟ فانه جنَّتُكِ ونارُك)
آه! آه! حتى زواجُ المرأة بالرجل هو في معناهُ مرورَ المرأة المسكينة في دنيا أخرى إلى موتٍ آخر، ستُحاسب عنده بالجنة والنار، فحسابها عند الله نوعان: ماذا صنعت بدنياكِ ونعيمها وبؤسها عليكِ؛ ثم ماذا صنعتِ بزوج ونعيمه وبؤسه فيك؟
وقد روينا أن امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني وافدةُ اليك؛ ثم ذكرتْ. ما للرجل في الجهاد من الأجر والغنيمة؛ ثم قالت: فما لنا من ذلك؟
فقال صلى الله عليه وسلم:(أبِلغي من لقيتِ من النساء أن طاعة للزوج، واعترافاً بحقه - يعدلُ ذلك؛ وقليلٌ منكن من يفعله!)
قال الشيخ: تأملوا واعجبوا من حكمة النبوة ودقتها وبلاغتها؛ أيقالُ في المرأة المحبة لزوجها المفتنة به المعجبة بكماله: إنها أطاعته أو اعترفت بحقه، أو ليس ذلك طبيعةَ الحب إذا كان حباً؟ فلم يبق إذن إلا المعنى الآخر، حين لا تصيب المرأةُ رجُلها المفصل لها، بل