ومحاورات المتصوفين، وإشارات العارفين، وملازمة المعتكفين. إلى ما يتصل به من خانكاهات قوراء مرتفعة وخانان عامرة متسعة، وقد وقفت لأبناء السبيل من الغرباء والمساكين والفقراء. وبحذائه دار الكتب وحجرها وخزائنها الخ الخ
والباب العالي الذي ذكرته آنفاً كان يؤدي إلى حدائق واسعة فيها قصور كبيرة رائعة، رأينا منها قصر (جهل ستون) أي قصر الأربعين عموداً الذي بناه الشاه عباس واحترق فعمره الشاه ومقدم البناء رواق رفيع واسع يقوم بسقفه عشرون عموداً رفيعاً كل عمود قطعة واحدة من خشب الدلب، وكان مكسواً بالمرمر تعلوه قطع المرايا على الأسلوب المألوف في البلاد الفارسية، وللبناء على الجانبين رواقان آخران صغيران، ووراء الرواق الأكبر مدخل يفضي إلى قاعة كبيرة، ووراءها حجرات
وفي رواق الجانب الأيمن نقوش كثيرة، بعضها يصور نفراً من الموسيقيين والمغنين، وبعضها يمثل جماعة من سفراء دول أوربا الذين وفدوا على الملوك الصفويين، وفي القاعة الكبرى صور زيتية كثيرة تمثل الملوك الصفويين مستقبلين ضيوفهم أو محاربين أعداءهم، وهي صور تذكر بصور قصر فرسايل في فرنسا
وأمام البناء كله حوض كبير على حافته نافورات، ينعكس فيه مرآى الرواق الأمامي. قال محدثنا: للرواق عشرون عموداً وهذه مثلها في الماء، فمن أجل هذا سمي قصر الأربعين عموداً
والحق أن آثار الصفويين في أصبهان على ما نالها من عوادي الزمان تشهد بما كان لهم من الغنى والأبهة، وبما كان في الدولة من العمران والصناعات، والنبوغ في العمارة والنقش
ورأينا آثاراً أخر يضيق المقام بوصفها، ثم أوينا إلى الفندق وفي حيالنا جلال الماضي وجماله، وأمام أعيننا ما كان من تبدل وتحول
عصف الدهر بهم فانقرضوا وكذلك الدهر جال بعد حال
خرجنا العشية، فجلنا في أطراف المدينة، ورأينا القناطر المشيدة على نهر زنده رود، ورأينا مصنعاً كبيراً لآل اليزدي ينسج فيه الصوف، ثم ذهبنا إلى السوق، وسوق أصفهان من أعظم الأسواق في الشرق، فرأينا بدائع صناعة اصفهان، واشترينا منها ثم رجعنا إلى