الماء المخزون في صهاريج القصر. فكان إذا بدا واحد من سكان القصر في إحدى الشرفات صاحوا بصوت واحد قائلين:(مجنون! انظروا المجنون!) وأصبحت الحالة لا تطاق، فلم ير الملك بداً من أن يشرب هو أيضاً من ماء الجنون، فتناول منه قدحاً وهو يقول:(لا لزوم لبضعة عقول صحيحة بين هؤلاء المجانين. . . .!)
ومرت الأيام والسنون. . وتأصل هذا النظام الجنوني وأطلقوا عليه (نظاماً اجتماعياً)، وزُج كل من عاوده عقله من هؤلاء المجانين في أمكنة أطلق عليها (مستشفيات المجاذيب). . ومنذ ذلك الحين لا ينفك العلماء من ترديد هذا القول:(الصين منبع الحكمة والعقل. . .)
فللقصة التي نشرها المرحوم جبران والأستاذ الحكيم ليست سوى أسطورة صينية تنقلتها أكثر اللغات
الدكتور محمد سالم
رسائل جديدة لبلزاك
لأدباء الغرب شغف خاص باستقصاء الآثار والرسائل الخاصة لأعلام الكتاب والمفكرين، وكثيراً ما يؤدي هذا الشغف إلى نتائج أدبية باهرة، فيظفر البحث بآثار ورسائل جديدة لها قيمتها في درس شخصية صاحبها. ومنذ بضعة أعوام ظفر الكاتب الفرنسي مارسل بوثرون بطائفة من رسائل بلزاك الخاصة إلى صديقته مدام (زولما كارو). واونوريه دي بلزاك هو القصصي الفيلسوف الفرنسي الذي تعد آثاره من أقيم ما أنتج الأدب الرفيع في القرن التاسع عشر. ونشر مسيو بوثرون بعض هذه الرسائل في مجلة (العالمين) سنة ١٩٢٣؛ ثم ظفر بطائفة جديدة منها، وجمع الجميع في كتاب واحد صدر أخيراً، وعنوانه (مراسلة لم تنشر لبلزاك)
وليست هذه الرسائل غرام كما يتبادر إلى الذهن، ولكنها رسائل صداقة خالصة؛ وهذا النوع من المراسلة نادر في حياة أكابر الكتاب إذا كتبوا لامرأة يشغفهم سحرها، ولكن بلزاك كان فيلسوفاً. وقد جمعت بينه وبين مدام زولما كارو ظروف عرضية، فقد كانت تقيم مع زوجها الضابط كارو حوالي سنة ١٨٢٠ بجوار أخت لها تدعى لور وهي زوجة مهندس يدعي سير فيل، وكان بلزاك يزور صديقه المهندس سير فيل وزوجه، فتعرف بالطبع بأختها مدام