للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فارتعد مذعوراً. وأتممت كلامي:

- انك فلاح من الريف

فنظر ألي بحيرة وقال بعد تردد:

- وهل أستطيع أن أنكر (أصلي)!

- وانك تتألم من حب دفين.

فأمسك بيدي وشد عليها، وقال:

- اسكت يا سيدي، اسكت:

- وانك ارتكبت معصية كبرى، وتريد التكفير عنها

فامتقع وجهه ونظر ألي محملقا، وقال:

- أعالم سري. .؟ أعالم سري؟. .

وأخذت استدرجه في القول حتى لان. وبدأ يروي لي قصته كالآتي:

لم اكن أدعى بالشيخ (عفا الله) فيما مضى، بل كنت اعرف (بسرحان) وهو اسمي الحقيقي، وكان لي أخ يدعى (محمد الرخ) كان إماما لمسجد القرية التي نشأت فيها. وكان قد تجاوز الأربعين، بينما كنت في السابعة عشر. أو كنت اعتبره كأبي واحبه حبا عظيما وكان هو الآخر يحبني كابن له: وقد حفظني القرآن وعلمني أصول الدين وأشركني معه في خدمة المسجد. وكنت قد بدأت أتعلم الصفير في ذلك العهد على شيخ طريقة مجذوب يجيد التوقيع على الصفارة وإنشاد القصائد الصوفية. ولما برعت في الصفير كان يلتف حولي على باب الجامع. بعد العشاء. جمع كبير من الفلاحين يستمعون إليَّ.

وكانت زوجة أخي قد توفيت منذ عام، فتزوج بفتاة في الخامسة عشر لم تقع عيني على املح منها. لها جاذبية غريبة سحرتني وخبلت عقلي. رأيتها للمرة الأولى فلم أتمالك أن أحببتها حبا تملك على جميع مشاعري وكبلني بالرغم مني بقيود ظالمة لم استطع التخلص منها. وخجلت من نفسي ومن أخي واعتبرت هذا الحب الشائن اكبر خيانة لذلك الشخص الذي وهبني حنانه وإخلاصه وثقته، وأردت أن أحطم هذه العاطفة الذميمة، ولكني لم استطع فكتمتها في قلبي ولم أبح بها الا لصفارتي! فقد كانت عزائي الوحيد في نكبتي.

وكنت أتعمد أن لا أخلو بزوجة آخي أتحاشى أن أكلمها إلا في الأمر الضروري. وكنت

<<  <  ج:
ص:  >  >>