للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

على التحلل بطبيعتها. هل تسلم بهذا؟

- نعم

- وهل يجوز لنا أن نفرض أن الروح الخفية، عند انتقالها إلى عالم الأموات الحقيقي، وهو مثلها في خفائها، ونقائها، ونبلها وأنها إذ تكون في طريقها إلى الإله الخير الحكيم، الذي توشك روحي أن تنتقل إليه، إن شاء الله، بعد حين - أقول: هل يصح الفرض أن الروح، إن كانت هذه طبيعتها وذاك أصلها، تتبدد وتفنى عند فراق الجسد، كما تقول جمهرة الناس؟ يستحيل أن يكون ذلك، أي عزيزي سمياس وسيبيس وأولى أن تكون الحقيقة أن الروح، وهي نقية، لا تجر في ذيلها عند انتقالها أية صبغة جسدية، ما دامت لم تتصل قط بالجسد اختياراً، بل إنها لتتجنبه دائماً، وما دامت قد انحصرت في نفسها (فقد كان مثل هذا التجريد موضوع دراستها في الحياة). وماذا يعني هذا إلا أن الروح قد كانت تابعة مخلصة للفلسفة، وأنها قد مرنت على كيف تموت بغير عناء؟ أفليست الفلسفة هي مرانا على الموت؟

- يقيناً

أقول إن تلك الروح في خفائها، تنتقل إلى العالم الخفي - إلى الإلهي، والخالد، والعاقل، فإذا ما بلغته، رفلت في نعيم، وتخلصت من أوزار الناس، وحمقهم، ومن مخاوفهم وعواطفهم الحوشية، ومن النقائص البشرية جميعاً، ورافقت الآلهة إلى الأبد، كما يروي عن العالمين بالسر. أليس ذلك صحيحاً يا سيبيس؟

- فقال سيبيس: نعم، وليس إلى الشك فيه من سبيل

(يتبع)

زكي نجيب محمود

<<  <  ج:
ص:  >  >>