للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تدور الساعة لتعيد - كرة ثانية وثالثة - دورها القديم، مرددة نفس الجملة وذات المقطع بتبدل قليل لا يكاد يُحس

كل وجه بشري، وكل حياة بشرية حلم فانٍ مستمد من روح الطبيعة التي لا نهاية لها، ومن إرادة الحياة العتيدة الثابتة , هي كالثورة أو الخيالة تمر سريعاً، لا ترسمها الحياة على الشاطئاللانهائي للزمان والفضاء، ولكن تتركها لحظة أو لحظتين تنعم بهذه الإقامة القصيرة، ثم تمحو رسومها، وتذهب بألوانها، مفسحة لغيرها مكانها؛ هذا هو الجانب الذي يبعث على التفكر والتأمل. . . يجب على إرداة الحياة القاسية أن تكافئ كل صورة من هذه الصور الصافية وكل أمنية من هذه الأماني الذاوية، جزاء ما تحملته من آلام عميقة وأوجاع مضنية، وذعر متكرر من الموت الذي تفر النفوس منه إليه

إن ما يجعل النساء اكثر صبراً من الرجال على الاعتناء بشؤون أطفالنا، هو أنهن يظللن أطفالاً ضيقات العقول، ويلبثن - طيلة حياتهن - أطفالاً كباراً، لا هن إلى الأطفال، ولا هن إلى الرجال

لنلاحظ فتاة غانية تلعب وتمرح - سحابة نهارها - مع طفل صغير، ترقص أمامه وتغني معه، ولنتمثل أي رجل شديد القسوة على إرادته يستطيع أن يضع صنعها، ويقوم بدورها

في عصرنا هذا تقع عيوننا على كتاب يتخذون الكتابة مهنة، أما قبل هذا العصر فقد كان الكتاب من ذوي الالهام، ولم يكونوا تجاراً، فلبثوا خالدين، ولبثت مقالاتهم ومواعظهم خالدة كالدهر

ادوارد هرتمان

وجد (شوبنهاور) في (هارتمان) تلميذاً أميناً لتعاليمه، وإن اختلف مزاجهما بعض الاختلاف، فوجه (شوبنهاور) جامد عابس، نافر التقاطيع، تكاد تبرز من وجهه كل علائم التشاؤم متكلمة منتقمة، ووجه (هارتمان) هادئ تطفو عليه من التشاؤم سحابة رقيقة لا غليظة، فهو متشائم مقبول لا يضيق به الناس، ولا يضيق بالناس، ولعل تعريجه الكثير على نوادي النساء مما رقق حسه، ولطف شعوره، ومثل له الحياة العابسة تبسم له من وراء هذه الوجوه الناعمة، والثغور الباسمة

مال في بدء نشأته إلى العلوم الطبيعية، وبعد تقلب طويل دخل في مدرسة (السلاح) في

<<  <  ج:
ص:  >  >>