للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على فَمي قيثَارة تشتكي ... وفي ضُلوعي زَهرةٌ تذْبُلُ

اقتَات بالأوهاَمِ في وَحدةٍ ... الرُّعْبُ فيها شَبَحٌ يمثُلُ

تَطفَحُ بالأهوالِ أرجاؤها ... والفكرُ تيَّاهٌ بها مُجفِلُ

إن خَلَصَت رُوحي مِنْ مَجْهَلٍ ... هَبَّ يُعمَّي قصدَها مَجْهَلُ

تعْمُرُ بالجنَّةِ دَارَتُهُ ... والرَّيْبُ يطغى والسَّنا يأفِلُ

أسيرُ فيه لا الهُدى رائِدي ... وليس لي عنْ خوضِهِ مَزْحَل

أخبطُ في يَهْماَء منْ حَيرَتي ... والليلُ مَرْهُوبُ السُرى ألْيَل

أسمعُ منهُ نغماً مُحزناً ... تصرُّه في أذني الشّمْألُ

اَمامَ عيْنَيَّ دُجىً راعِب ... يَلفّني مِطرَفُهُ المُسَبَل

وَمَنزِلي ناءٍ وَبي مِحنةٌ ... فآه لوْ يَقترِبُ المَنزِلُ

ضججْتُ من مَحْبِسِ هذا الدُّجى ... فَهل يَبينُ النُّور أو يُقبل

أوَّاهُ من مُضطَرَبٍ جاهدٍ ... الغْيْبُ محجوبٌ بهِ مُقفَل

وَوَحشةٍ في القَلْبِ ماَ تمَّحي ... وَظُلمةٍ في النفَّسِ ما تنْصُل

هذي حياتي مِلْؤهاَ حسرةٌ ... وكاهِلي من عِبئها مُثقَل

كأنني في حقلها غَرْسَةٌ ... ذاويةٌ أخطأها المنجلُ

أفردها المقدارُ في عالمٍ ... نعيمهُ الخالِص مُستوْبَل

الرُّوحُ منَّي فقَدتْ تِرْبَها ... فاندَفَعت من همَّها تعْولُ

آناً تَرَاها سَكَنت لا تَعي ... كأنها في صَمتِهاَ الهْيكل

وتارةً كالنارِ جَياشةً ... كأنما يَغلي بها مِرْجَل

كذاكَ أَحيا مُوجعاً ساهِماً ... والموتُ من هذا الضَّنى أمثَل

ياَ طيفْها يرْهِقُ قلبي الأسى ... وأنتَ عني ذاهِلٌ تَغفَل

أحببتها مُغريةً كالدّنا ... لا سحرها يَفْنَى ولا يَبْطُل

تتركُ في النفْسِ أحاديثها ... أعذب مما يترُكُ البُلبُل

أشمُّ منها عالماً عاطراً ... يكادُ من فرْطِ الشَّذا يَثمَل

يا مِزْهَري نَغَّمْ أغاني الهوَى ... القلْبُ يُعطِي والهوى يسَألُ

<<  <  ج:
ص:  >  >>