فاحش، لأن أصحاب الرأي أو القياس، لا يعملون رأيهم، ولا يجرون قياسهم، إلا في المسائل التي لم يرد فيها نص من كتاب ولا سنة، فهم يرجعونها إلى هذين الأصلين، ويطبقونها عليهما؛ وليس لمسلم أن يقول في الدين برأيه، ويتكلم فيه بهواه؛ والحنفية هم الذين يسمون بأصحاب الرأي؛ وجميع الحنفية - كما يقول ابن حزم - مجمعون على أن مذهب أبي حنيفة أن ضعيف الحديث عنده أولى من الرأي والقياس. وقد قدم أبو حنيفة رحمه الله العمل بالأحاديث المرسلة على العمل بالرأي في مسائل عدة
ولعل الكاتب لم يقصد هذا الذي قد يفهم من كلامه!
٣ - وقال الكاتب:(ذهب بعض المؤرخين أمثال كولدزيهر
إلى أن الفقه الإسلامي قد تأثر بالفقه الروماني، وأنا أقول إن
كان هذا صحيحاً فأخر بالأوزاعي أن يكون آخر المتأثرين به
لأنه من أبعد الفقهاء عن الرأي) اهـ
فلم يهتم الكاتب بدحض هذه الفرية التي افتراها كولدزيهر وأمثاله من المؤرخين، ولم يبين أنها في رأي العلم خرافة من الخرافات، وأن المحققين قد تكلموا فيها، وبينوا خطأها، بل كان جل همه أن يبرئ الأوزاعي منها، ولو يسلم ضمنا بأن الفقهاء قد تأثروا بالفقه الروماني!
على حين أنه لا يمكن أن يقوم دليل علمي واحد على أن الفقه الإسلامي مأخوذ من الفقه الروماني، إلا إذا كان القرآن مترجما عن لغة الرومان، وكان سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم رومانياً خرج من أبوين عربيين! والذي نقوله إنه إذا كانت هناك علاقة بين الفقهين، فإن الفقه الروماني المعروف اليوم هو المقتبس عن الفقه الإسلامي، ودليلنا على هذا أن الفقه الروماني الحاضر جديد، لفقه طائفة من العلماء، بعد أن اندثر الفقه الروماني القديم، وهذا الدليل على علاقة أقوى من دليلهم على دعواهم، فليثبتوا إن استطاعوا أن الفقه الروماني الحاضر هو القديم ذاته، وليأتونا بالأسانيد الصحيحة والروايات المضبوطة، كما نأتيهم نحن بأسانيد حديثنا، وروايات سنتنا!
٤ - هذا وإن في ترجمة الأوزاعي كتابا قائما برأسه نشره من