علي) يتشم الريح، ويتسقط الأخبار، ويتربص بالحكومة الدوائر
هو وزير أو منتظر؛ فمالك تكلفه أن يكتب في صحيفة حزبه، أو يساهم بالجد في نهضة شعبه؟ تلك أكلاف العيش لمن لم يدرك الثروة، وأزواد الطريق لمن لم يبلغ الغاية؛ والوزارة غاية الأمل في الثراء والعظمة، فإذا أدركها لا يسعه بعدها كرسي في مكتب، ولا يجزيه سهم في شركة؛ والظفر بها ولو مرة حق مكتسب يسلكه في سلسلة المتعاطين حرفة الحكم، فيضع نفسه ولقبه في صندوق ذهبي، ثم يعلقه في خيوط المنى، ثم يدع النسيم يهدهده بين باب القصر ونافذة المندوب حتى إذا عصفت بالوزارة أزمة، أو شغر في مجلسها محل رفع برأسه الغطاء العسجدي وقال:
أنا أشرئب! إذن أنا موجود!
على أن القاعدة العنيدة أخذت تحمل في طواياها بعض الشواذ، فقد رضى الوزير والسفير حافظ عفيفي باشا أن ينزل إلى صفوف الباحثين والمؤلفين فأصدر كتابه القيم (الإنجليز في بلادهم) عن استقراء دقيق واطلاع شامل، فكان تعريضا أليما بذلك الذكاء العاطل الذي يستفيد ولا يفيد، وذلك النبوغ الفاجر الذي يدخل الحكم ليعسف ويخرج منه ليكيد!