من كلّ من صدقت في الله همّته ... وراح لم يحتمل ضيماً لإنسان
كم بالجزيرة أو سهل القضارف من ... مزارع حُلوة المرآي وأقطان
وحِلّة ذهبت في جودها مثلاً ... ومنزل فيه تُتلَى آي قرآن
ألله أكبر! تدوي في مساجدها ... فتعمر القلب من دِينٍ وإيمان
والقوم سُمر وجوه يُسرعون إلى ... ما ينبت العزّ من إكرام ضيفان
وفي أبا حيث تلفى الأرض كاسيةً ... والطير خاطبةً من فوق أغصانِ
تهشّ للزائريها كلَّ آونة ... وتملأ القلب من رَوْح وريحانِ
هناك في كردفان أيُّ مُتَّدَعٍ ... للطرف في بارة أو أرض خِيران
حيث البداوة في أجلى مظاهرها ... والإبل طالعة بين كثبان
ما أجمل الريف مصطافا ومرتبعاً ... وغادة الريف في عين وغزلان
الخدّ لم ترْعَ موسى في جوانبه ... والجيد من حسنه عن زينة غانِ
فإن يكن شعب بوّان ازدهى نفراً ... ففي البطانة كم من شعب بوّان
إذ تقبل الأرض أعقاب الخريف بها ... بكل وجهٍ إلى الفنَّانِ فنَّانِ
والصيد نافرة حتى إذا أنِست ... أوفت على نجوة ترنو بفتَّان
والضان والمعز والأنعام تابعة ... مواقع الغيث قطعاناً لقطعان
وللحداة حداء كله كرم ... فيه الإباء وفيه نُصرة العاني
وسامر الحي من غيد وفتيان ... بين البيوت وفي أعطاف وديان
في كل ليل تحاجيهم عجائزهم ... بابن النمير وسوبا وابن سلطان
وتارة يرهف الفتيان سمعهم ... إلى نوادر أجواد وفرسان
(وابن المحلق) لم تبرح حكايته ... في الناس يسردها أشياخ حمران
يا قبر تاجوج حياك الحيا ومشى ... بصفحتيك شَذَى ورد وريحان
إني أميل إلى الأشعار يبعثها ... حسُّ قويّ وأقلى الفاتر الواني
وفي البلاد وفي ماضي أبوتنا ... فخر - وإن لم تكن تُعنى بإعلان
وكم بتاريخها من قصة عجب ... جدّ الحكيم ولهو الودع الهاني
فإن يكن بات فيها الحرّ يصهرنا ... فللحرارة يُعزى فضل شجعان