في كلَّ ما نُبْصِرُه نَفْحَةٌ ... من حُسنِكَ الضافي ومن لُطفِكا
ربَّ وفي كلَّ صدَى نَغْمةٌ ... تَشْدو بآلائِكَ أو عطْفِكا
ربَّ تجلَّيتَ لأرْوَاحِناَ ... في ثَبَجِ الدَوَّ وشُمَّ الجبالْ
وفي مآسينا وأفراحِنا ... وبَسْمَةِ الفجْرِ وَصَمتِ اللّياليْ
وفي اصطِخَابِ الَمْوجِ إذ يَصْطَخِب ... وفي سكونِ اليَّم إذ يسكُنُ
وفي هزيمِ الرّعد إما غضِبْ ... وفي نُوَاحِ الطيرِ إذْ تَحْزَنُ
والقرْيةِ الهادئةِ الحالِمَهْ ... والرَوْضةِ الفَوّاحةِ الناضِرَهْ
والليلةِ المقمِرَةِ الباسِمهْ ... والأنجُمِ البرَّاقةِ الحائرَه
لا هُمَّ إن السكوْنَ ذا مَعْبَدُكْ ... أرْنُو فلا أُبصرُ فيه سِواك
وكلُّه ألْسِنَةٌ تَحْمَدُكْ ... تَشدو بما يَغْمُرُها من نَداكْ
وارَحمنا رَبَّ لمن لا يراكْ ... هَل يَعرِفُ السلوَى تُرَى قلبُه؟
ما حالُه إن طوَّقَتْه الشَّرَاك ... وآدَهُ من دَهرِهِ خَطبُه؟
يا زَوْرَقَ الأكوانِ فِضْ بالمُنى ... واجرِ رُخاءً في خِضَمَّ الأبد
واعزِفْ بِمِجْدَافِكَ لحنَ الهنَا ... بين رُؤَى الأمسِ وآمالِ غَدْ
سِرْ آمِناً في لُجَّهِ حالَمِا ... فإن رُبَّانَكَ جَمُّ الحَنانْ
قد وسِعت رَحمتُ العالَما ... مُذ أبدعَ الكَوْن وأجرى الزمان
يا رَوْعةَ الفجرِ أطَلتِ السكون ... تحتَ الدياجي وأطَلتِ الوُجومْ
فزَحْزحي عن منْكَبَيْكِ الدّجونْ ... فقد نَزَتْ فيَّ خَوابي الهموم
غَشَّت على عينيَّ سُحْب الضَّجَرْ ... حتى كأني أبداً في ظلَمْ
مِنْ أين تأْتينَيَ سُحْب الضَّجرْ ... حتى كأني أبداً في ظلَمْ
مِنْ أين تأْتينيَ سُودُ الفِكرْ؟ ... من أينَ يَنْصَبُّ عليَّ الأَلم؟
ما حيلتي والقلب مُستعبِرُ ... جمُّ الأسى حَفَّ بهِ غَيْهب
أرجو له البِشْرَ فلا يَحْبَرُ ... وأنشُد السلوى فلا يَطْرَبُ
ربَّاه قد أضنى فؤادي الأسى ... وآن للجاهِدِ أم يستريح
أكلما افترَّتْ زُهور المنى ... طاحت بها في حَوْمةِ اليأسِ رِيح