للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الفريقين، ثم أرجع البصر فيما جرى بين الرسول الكريم وعمه الجليل حين أنبأ ابن أخيه بما قالت قريش: -

(ابق على نفسك وعلي ولا تحملني من الأمر مالا أطيق)

يتجلى لك بصورة لا يداخلها الريب ما انطوت عليه نفس رسولنا الأعظم وزعيمنا الأكبر من قوة الثبات في المبدأ: -

(والله، يا عماه، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه. . . ما تركته!)

وتبصر ما أصاب المسلمين الأولين من الاضطهاد والعذاب، وما تجشموه من المشاق والصعاب، من تعذيب المشركين لهم بحر الرمضاء وبقر بطونهم بالحراب في سبيل الدفاع عن هذا المبدأ، ثم أخل إلى نفسك وانظر ما أنت عليه اليوم وما كانوا عليه أمس!

٢ - القوة في الاتحاد

إذا تدبرت مبدأ الفاشيست علمت أن شعار موسوليني ومشايعيه ذوى القمصان السود: (الفأس وحزمة العصي).

والفأس رمز الدولة، والعصي الأفراد الذين يؤلفونها، والفرد، في نظرهم قوى بجماعته، ضعيف بمفرده؛ مثله في ذلك مثل العصا يسهل كسرها بمفردها، ولكن الصعوبة كل الصعوبة في كسرها إذا ما ضمت إلى أخواتها. والفاشستيه تنحصر فلسفتها في فناء الأفراد في الدولة وانحلال شخصياتهم فيها. ولماذا نذهب بك إلى الفاشستية ولدينا ديننا الإسلامي، دستور الحضارة والإنسانية، ففيه الأمثلة المتعددة على أن حياة الشعوب في تضامن أفرادها واتحادهم. قال الله في كتابه العزيز: -

(وَاعْتَصِمُوا بِحَبلْ الله جمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا؛ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إذ كُنْتُمْ أعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعمتِهِ إِخْوَاناً)

- سورة آل عمران.

(وَأطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيُحكُمْ) - سورة الأنفال

(وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنينَ اَقْتَتَلُوا فَاَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا) سورة الحجرات

(إِنما المؤْمنُونَ إِخْوَةٌ فَاَصلِحُوا بَيْنَ أخَوَيْكُمْ) - سورة الحجرات

<<  <  ج:
ص:  >  >>