على العلم ففتحت له أبواب العمل؛ وعلى التعليم فمهدت له سبل التطبيق؛ وعلى الأدب فاستعملت اللغة في أعمال المال، ونشرت الثقافة بتسهيل الطباعة؛ وعلى الأخلاق فأحيت في الرجال الثقة، وقوَّت في الشباب الرجولة؛ وعلى الاجتماع فوقَت الأمة شر العطلة المجرمة، والأزمة المستحكمة، باستخدامها الألوف المؤلفة من الموظفين والصناع والعمال في شركات البنك وفروعه؛ وعلى القومية فخلقت الروح الجماعية بإنشائها الأعمال التي تقوم على رءوس المال، وتوزع العمل، وتساند القوى، وتضامن الجماعة؛ وعلى السياسة فكفكفت عنها شِرَّةَ النفوذ المالي الأجنبي بمنازلته الجريئة في ميادينه القوية الحصينة؛ وعلى الإسلام، فساعدت على إقامة ركن من أركانه، وكشف الضر عن بيت الله ومنزل قرآنه؛ وعلى وحدة العرب فوصلتها بأسباب التعاون، وثقَّتها بسلاسل الذهب؛ والاقتصاد اليوم وقبل اليوم كان دستور الحياة، وعلة السعي لها، وغاية الجهاد فيها، فلا بدع إذا أثر في كل شيء، وعمل في كل حركة، وهاج في كل ثورة، وصاح في كل نهضة
شهدت كثيراً من المؤتمرات والمظاهرات والاحتفالات في أغراض شتى، فكان شعوري الذي أجده فيها شعور الحالم الذي يتوهم الحقيقة، والفاقد الذي ينشد الوجدان، والأمل الذي يرجو الظفر؛ ولكني شهدت هذه المرة احتفالات قومي بعيد بنك مصر، فكان الشعور الذي ملكني وملك الناس شعور العالم الذي اطمأن إلى التجربة، والواجد الذي اغتبط بالحصول، والظافر الذي انتشى بالنصر، والحي الذي استعز بالكرامة
وكنا نلحظ البشر الذي يجول في المحيا الذي لا ينبسط، والابتسام الذي يجري على الشفة التي لا تَفْتَرُّ، فنتخيل في وجه طلعت حرب وهو يَشِعُّ بالإخلاص الساذج مستقبل بلادنا الذي يتهلل، وأمل شبابنا الذي يبتسم
نضّر الله بالرضى والغبطة وجوه أولئك الأبرار المخلصين الذين شغفهم حب الخير ففكروا وأمِلوا، ثم آمنوا وعملوا، ثم استمسكوا بِرَوح الله وقوة الشعب على عصف الخطوب وإلحاح المكايد، حتى استقر بهم الإيمان على الفوز، واستقام بهم الإخلاص على الطريقة، فكانوا مثلاً لجهاد الصابر المثابر الذي يتلمس القوة من جوانب الضعف، ويتطلب الكثرة من أشتات القلة، ويخلق النجاح اليقين من أحاديث المني، ويرفع في مُعترك الشُّبَه والظنون هذا الصرح الباذخ فيكون قاعدة للمصلح الباني، ومنارة للمتخلف الواني، ومثابة للمتنكب