وأهم قسم في الكتاب هو الذي يشرح فيه المؤلف لنا كيف استطاعت أوربا أن تفرض سيادتها على العالم، وكيف بدأ العالم ينازعها هذه السيادة، ويقدم لنا المؤلف صورة قوية مما كانت عليه أوربا والعالم في أواخر القرن التاسع عشر، حينما كانت أوربا تكاد تحكم العالم في نوع (من الحق الإلهي). وقد استطاعت أوربا منذ عهد الأحياء (الرينصانص)(بوسائلها وشهواتها) أن تتفوق على باقي القارات الأخرى؛ ولم يمض قرنان على ذلك حتى استطاعت أوربا بواسطة ثورتها الصناعية أن توطد احتكارها بلا منازع؛ وكأن عناية إلهية مكنتها من تحويل جميع المواد الأولية التي ينتجها العالم إلى سلع ومنتوجات تستدر بها ثروات العالم كلها؛ وقامت سيادتها على إمبراطوريتها الاستعمارية التي شملت معظم بقاع الأرض، وسادت أساطيلها جميع البحار؛ واستطاعت بالاعتماد على قانون دولي مرن أن تفرض من النظريات والنظم على معظم الأمم ما يوافق مشاريعها ومصالحها؛ وانتهى الأمر بإقامة نظام اقتصادي هائل تستولي أوربا بمقتضاه على جميع المواد الأولية، ثم تردها إلى العالم سلعاً مصنوعة. يقول مسيو زيجفريد: وهذا نظام ضخم ذكي، تخضع فيه الحريات لصولة التوسع، والأخلاق لسلطة الفتح؛ تخضع فيه الحريات لصولة التوسع، والأخلاق لسلطة الفتح؛ ويعتبر فيه الحريات لصولة التوسع، والأخلاق لسلطة الفتح؛ ويعتبر فيه من الأمور المشروعة الخالدة أن يقسم العالم إلى طبقتين متباينتين: أرستقراطية أوربية تحتفظ لنفسها بالعمل الفني المثمر، وطبقة فقيرة يترك لها العمل الخشن المضني
ولكن هذه السيادة تبدأ منذ القرن التاسع عشر دور الانحلال؛ وقد كانت أول خطوة في ذلك تحرر بعض الأمم البيضاء كالولايات المتحدة والمستعمرات الأسبانية والبرتغالية، والدومنيون البريطانية. وفي أوائل القرن العشرين نزلت إلى الميدان بعض الأمم الملونة التي كانت تعتبر منحطة، وجاءت الحرب فزادت في بواعث الأزمة؛ ذلك أنها حطمت الأداة القديمة التي كان يقوم عليها توازن العالم، وحولت الإنتاج الأوربي عن مهمته الطبيعية، فاستطاعت القارات الفتية أن تغتني بسرعة وأن تغدو دائنة، وأن تنظم صرحها الصناعي على قواعد ضخمة، وبعد نهاية الحرب لاحظت أوربا أن منافسيها الجدد يحاربونها بأسلحة لا تستطيعها مثل الأجور المنخفضة في الشرق الأقصى، والإنتاج