للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحياة؛ وكانت حياة (النسر الصغير) مأساة أثارت كثيراً من قريض الشعراء، وخيال القصيين؛ ولكن الاهتمام بتدوين حياته من الوجهة التاريخية لم يظهر إلا في العصر الأخير، حينما نشرت مذكرات (الدوق ريخشتات) (النسر) وكشفت عن كثير من دخائل هذه الحياة المؤثرة، وليس في كتاب رنيه درفيل جديد في حياة النسر الصغير، ولكنه من الكتب التاريخية القليلة التي دونت عن هذه الحياة.

الكولونيل لورنس

توفي في الأسبوع رجل يرتبط أسمه أشد الارتباط بتاريخ الثورة العربية، هو الكولونيل توماس لورنس، والذي يهمنا في هذا المقام هو ناحيته الأدبية، فقد كان لورنس أديباً ومستشرقاً وأثرياً معروفاً. وكان مولده سنة ١٨٨٨ في كارنارفون شير (إنكلترا)، وتلقي تربية جامعية حسنة، وبدأ حياته العملية بالاشتغال بالتنقيب الأثري مع العلامة الشهير فلندرزبتري في مصر وسينا منذ سنة ١٩١٠، ولما نشبت الحرب الكبرى أرسلته السلطات البريطانية إلى القاهرة في سنة ١٩١٦ ليتصل بزعماء العرب، ويعمل معهم لتنظيم ثورة عربية على الترك، فسافر لورنس إلى الحجاز وقام بمهمته خير قيام، واشتغل بالتعاون مع الأمير فيصل (المرحوم الملك فيما بعد)؛ ونثر الأعطية على البدو، وجمع قوات لا بأس بها، وخرب مواصلات الترك، ومهد الظفر لقوات الماريشال اللنبي، وسقوط فلسطين وسوريا في يد الإنكليز. ولما انتهت الحرب تظاهر لورنس بالعطف على العرب ومشاركتهم في السخط على السياسة الإنجليزية لأنها نكثت بوعودها للعرب، ونزل عن ألقابه ورتبه العسكرية، واشتغل عاملاً بسيطاً بالطيران المدني باسم جديد هو (شو)؛ ومن ثم كان اللقب الذي خلع عليه من بعض العرب الحسني الظن وهو (صديق العرب).

والواقع أن لورنس لم يكن صديقاً للعرب، وإنما كان طليعة الاستعمار البريطاني وأداته النافذة في جزيرة العرب، وهو الذي مهد لتمكين النير الإنكليزي منها باسم العمل لتنظيم الثورة العربية وإنشاء دولة عربية مستقلة؛ وكان كمعظم أقرانه طلائع الاستعمار يستتر بالأثواب والمظاهر المعروفة؛ حب الإسلام والعروبة، والاستشراق، والعطف على مجد العرب.

وكان لورنس مع ذلك مستشرقاً أدبياً، وقد ترك عدة آثار قيمة، منها (سبعة عمد من الحكمة)

<<  <  ج:
ص:  >  >>