للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بيني وبينك في الحياة وشيجةٌ ... وجميعٌ ما هو محزنٌ لك محزني

يا شعر بعد الناثرين دموعَهم ... إن كان عندك ما تبثّ فبيّن

ما أكبر الأخلاق في نفس امرئ ... إن خاشنته الناسُ لم يخشوشن

قد عاش عيشاً والحياةُ مُلَّحةٌ ... ما كان بالمْغنى ولا بالمسمن

من ديدن الشرق احتقار دوى النهى ... والشرق ليس مُغّيراً للديدن

الكاظميّ قد اعتني ببلاده ... وبلاده بحياته لم يعتن

لو كان يحظى في العراق ببلغةٍ ... ما سار يقصد مصرَ عبد المحسن

بلدُ به بخلاف ما في غيره ... شبع الدخيلُ وأَسغب ابن الموطن

للمرء في الأرض الفضاء مساكنٌ ... أنّي مضى والقبرٌ آخر مسكن

والموت فوق جنادل وصفائح ... كالموت حُمَّ على فراشٍ ليّن

لا تسألوني عن مصير مَن انطووا ... أنا بالعواقب لستُ بالمتكهّن

قالوا وراء الموت أهوالٌ ولم ... أحفل بما قالوا ولم أتيقّن

ولعل هذا الموت مبدأ رحلةٍ ... للروح خالدةً وراء الأزمن

تبنى الحياة لها الصروحَ من المنى ... والموت يهدم كلّ ما هي تبتني

في الكون هذا كلُ شيء ممكنُ ... إلا البقاء فذاك ليس بمكمن

وكأننا صور الخيال لبرهةٍ ... نبدو ونخفى عن شعاع الأعين

الكون عن ماضيه لم أك راضياً ... والكون عن آتية لستُ بمأمن

فرحُ بجانبه همومُ جمةُ ... هذا منيحةُ دهرك المتلوّن

لابد من موتٍ لمن هو عائشُ ... فاشجُع إذا قابلَته أو فاجبن

إن المنون لرابضٌ مُتحيّنٌ ... ماذا مرادُ الرابض المَتَحيّن

أرَبابُ إن الحزن يقتل أهلَه ... أرَبابُ يا ابنة محسنٍ لا تحزني

أرباب صبراً فالحياة فريسة ... والموت ذئبٌ إن سطا لا ينثني

يا بلبل الشعراء مالك صامتاً ... من بعد تغريد بشعرك مُشجِن

قد سرتَ قبلي للردى متعجِّلاً ... ولعّلني بك لاحق ولعلَّني

(بغداد)

<<  <  ج:
ص:  >  >>