للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد تناولت الطعام مع (سيريني) في مطعم (ميليني)، وإذا الشاعر قد أضاع رشده، وفقد صوابه، وأعاد النقاد المسرحيين بالقطار إلى روما. . .

ولما فرغنا من الطعام، جعلنا نتناول الفاكهة، وإذا به ينفجر:

- أرابت؟. . . لقد صادفت في حياتي انتصارات واندحارات عديدة، ولكني لم اشعر في حياتي على أثر اندحار، بالخجل القاتل الذي تركه في نفسي انتصار البارحة كلا! لم اشعر قبل اليوم بمثل هذا الخجل السام!!!

- إن الألفي شخص الذين أطاعوا هواي، وتسابقوا إلى (بونتاسياف) لمشاهدة روايتي الحديثة، وتحيتها بأعاصير داوية من الهتاف والتصفيق. . . والجرائد الصافحة بالتقاريظ والانتقادات الفخورة بنشر اسمي ورسمي. . . والسياحة الموفقة التي ينتظر أن تصادفها فرقتي. . . وبرقيات التهنئة التي ما برحت تتقاطر علي من كل حدب وصوب. . . إن كل ذلك يا صديقي قد تلاشى واندثر!!!

ولإطفاء هذا اللهيب. . . ولإحداث الظلام بتلك الأضواء، لم تتكبد تلك الريفية التي كنت احسب إنها تعجب بي إعجابا، لا يعد التأليه بجانبه شيئا مذكورا. . . لم تتكبد مشقة كبيرة. . . إنما كفاها أن تسال ذلك الأحمق (ولكن من هو مارك سيريني؟)

كم يبدوا لنا العالم كبيرا. وكم هو صغير!!! إن اعظم العظماء، إذا خرجوا عن دائرة بضعة آلاف شخص، يصبحون مجهولين، لا يعرفهم أحد، ولا يأبه بهم أحد!!!

انظر هذه جريدة (لاناسيون) قد شغلت اكثر من نصف صفحة بالحديث عن روايتي، وهذا اسمي قد كتب فيها بحروف بارزة على أربعة عواميد. . . ويخيل إليك بعد ذلك إن جميع الناس أصبحوا يعرفون هذا الاسم، بل ربما ظننت انه ينبغي لهم بعد ذلك أن يعرفوه. . . ولكن الحقيقة هي إن لا أحد يتذكره، عندما يقلب الصفحة. . هو ذا الجارسون يتأهب ليقدم لنا القهوة، وهو قد طالع جريدة هذا الصباح، ادعه واسأله. من هو مارك سيريني)؟. . . إني أراهنك على زجاجة شمبانيا: انه سيسخر منك، وسيفتح لك عينين كبيرتين دهشتين.

إلا إن (مارك) لم يقدم لي شيئا من الشمبانيا، لأني أحسنت صنعا بعدم دعوة (الجارسون)، ولكن المؤلف لم ينقطع عن الشكوى والتذمر، وأخذ ينعى على نفسه جهوده الضائعة، ولم يتردد عن لصق بعض الوصمات بنفسه، لأنه زرع بذورا قوية من العمل الدائم، ليحصد

<<  <  ج:
ص:  >  >>