للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمر هذا الصندوق يظهر غريبا للمتفرجين، وبيانه إن سفروتا يأتي ببهية فيقيدها بالسلاسل والأغلال ويضعها في صندوق أمام المتفرجين، كان قد طلب إليهم فحصه قبل ذلك.

ويوصد الحاوي الصندوق بالأقفال ويربطه بالأحبال ويقف عليه، فيكفهر وجهه، ويقف شعر رأسه، ويتمتم ويتلو تعاويذ سليمان على الجن الحمراء، ويأمرهم سفروت أن يحولوا جسم بهية إلى المادة الهيولية. عندئذ يتصاعد من الصندوق بخار أحمر فينزل الحاوي عنه ويفتحه فلا ترى أثراً للفتاة فيه. ويقفل سفروت الصندوق ثانية، ويقف عليه فيكفهر وجهه ويقف شعر رأسه، ويدعو سليمان فتحضر الجن ثانية، فيأمرهم أن يسترجعوا جسم بهية، وينزل الدخان الأحمر من سقف المسرح ويفتح الحاوي الصندوق فإذا ببهية في أصفادها كما كانت.

حدث ذات مرة في موسم (رأس البر) أن تعاقد مدير فندق كبير مع (البروفيسير سفروت) على إحياء سبع ليال لتسلية المصيفين مقابل أجر طيباً فأمر الحاوي أن يبني له مسرح خاص في ردهة الفندق الكبيرة، وبدأ لياليه كالعادة، حتى كانت الليلة الثالثة ففي هذه الليلة بعد أن انتهى من لعبة الصندوق وبينما كان يجمع أدواته من المتفرجين ويعطيهم ما كان قد استعاره منهم أثناء الحفلة أعترضه رجل قصير القامة، بدين الجسم، يلمع العرق على وجهه الأسمر الأصفر، رجل من أقباط الصعيد في زعبوط أسود وعمامة سوداء يخاله الناظر من تجار الكسبة أو العجوة.

تقدم الرجل من سفروت خجلاً متردداً فقال: (نكتة اللعبة دي!. . . نكتة تمام يا أخينا). فوافق سفروت على قول الرجل ببرود وأدب مصطنع، ثم مضى إلى غيره، ذلك أن الناس كثيراً ما كانوا يأتون إليه بعد الحفلات يخبرونه أنهم يعلمون سر ألعابه أو أن ما فعله قد رأوه منذ سنوات أو ليلحوا عليه كي يعلمهم السر في حيلة أعجبتهم إلى غير ذلك من سخف كثيراً ما سايرهم فيه أو صرفهم عنه بسحرية غير جارحة، إذ لم يكن من الكياسة أن يجفو لهم في القول وعليهم مدار رزقه.

وتبع القبطي الحاوي وهو يردد في شيء من الذهول: نكتة جوي والله عبارة الصندوق دي!. . . . نكتة جوى. (فقال سفروت مستهزئاً! (إذا كان أعجبك فلم لا تشتري لك واحداً يا معلم! فلم يدرك الصعيدي أن الحاوي يهزأ به إذ كان يفكر في أمر ملك عليه انتباهه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>