الأرواح. فإن كانت روحاً دنسة، خبيثة الصنيع بأن انغمست في الفتك المنكر، وفي أخوات الفتك من الجرائم الأخرى، وتلوثت بهذه السلسلة من الآثام - فإن كل إنسان يفر من تلك الروح وينصرف عنها، فلن يكون أحد لها رفيقاً أو دليلاً، بل تظل تخبط وحدها في أرذل الشر، حتى ينقضي أجل معلوم، فإذا ما انقضى ذاك الأجل، حملت خانعة إلى مستقرها الملائم؛ كذلك لكل روح طاهرة مستقيمة، مضت في حياتها مرافقة للآلهة مترسمة خطوهم، مقامها الخاص
هذا وإن في الأرض لربوعاً مختلفة عجيبة، تختلف في حقيقة أمرها - كما اعتقد معتمداً على رأي ثقة لن أذكر اسمه - تمام الاختلاف عن آراء الجغرافيين من حيث طبيعتها ومداها. فقال سمياس: ماذا تعني يا سقراط؟ لقد سمعت للأرض أوصافاً كثيرة ولست أدري مع أيها تذهب، وأحب أن أعلم ذلك
فأجاب سقراط: حسناً يا سمياس، لا أظن أن حكاية تروى تستلزم لروايتها فن جلوكس ولست أرى أن فن جلوكس يستطيع أن يقيم الدليل على صدق حكايتي، التي أنا عاجز تمام العجز عن إثباتها بالدليل، وحتى لو استطعت ذلك، لخشيت يا سمياس أن أختتم حياتي قبل أن يكمل الدليل، ومع ذلك فقد أستطيع أن أصف لك صورة الأرض وربوعها كما أتصورها!
قال سمياس: حسبي منك ذلك
قال: حسناً، إذن فيقيني أن الأرض جسم مستدير، وهو من السماوات في مركزها. لهذا لم يكن بها حاجة إلى الهواء أو ما إلى الهواء من قوة أخرى، ليكون لها عماداً، بل هي قائمة هنالك، تحول موازنة السماء المحيطة بها، وتوازنها هي نفسها، بينها وبين السقوط أو الانحراف في أية ناحية، ذلك لأن الشيء الذي يكون في مركز شيء آخر منتشر انتشاراً متوازناً، ويكون هو نفسه متزناً، لن ينحرف بأية درجة في أي اتجاه، بل سيظل ملازماً لحالة بعينها دون أن يحيد. ذلك هو أول رأي لي
فقال سمياس: وهو بغير شك رأي صحيح
- كذلك أعتقد أن الأرض فسيحة جداً؛ وإننا، نحن الذين نقيم في المنطقة التي تمتد من نهر فاسيس إلى أعمدة هرقليس وبمحاذاة البحر، إنما نشبه النمل أو الضفادع احتشدت حول