ولبيان ذلك نقول إن النظام الذي تخضع له قناة السويس اليوم هو نظام الحيدة الدولية المطلقة، وهو النظام الذي كفلته معاهدة ٢٩ أكتوبر سنة ١٨٨٨ التي وقعت في استانبول بين الباب العالي، وبريطانيا العظمى، والمانيا، والنمسا والمجر، وفرنسا وإيطاليا، وأسبانيا، وهولنده، وروسيا؛ ونص في ديباجتها على أن الغرض من عقدها هو (الاتفاق الحر على نظام نهائي يكفل في كل الأوقات ولكل الدول حرية الملاحة في قناة السويس). وتحتوي المعاهدة على سبع عشرة مادة تنظم شروط الملاحة في القناة في أوقات السلم وفي أوقات الحرب
وهذه الحيدة المطلقة للقناة وقت الحرب تنص عليها المادة الرابعة من المعاهدة فيما يأتي:(تبقى القناة مفتوحة وقت الحرب. وقد اتفق المتعاقدون أعلاه على أنه لا تفرض أية ضريبة حربية أو يعمل أي عمل من شانه أن يخل بحرية الملاحة في القناة ذاتها أو في موانئ الوصول إليها، أو في قطاع من هذه الموانئ طوله ثلاثة أميال بحرية، وهذا حتى لو كانت الدولة العثمانية هي إحدى الدول المتحاربة). وتنص المادة السادسة من المعاهدة على (أن قناة السويس تبقى مفتوحة في وقت الحرب شأنها وقت السلم، لكل سفينة تجارية أو حربية، لجميع الدول بلا تفريق. . . وتتعهد الدول الموقعة بأنها لا تقوم بأي عمل لعرقلة حرية الانتفاع بالقناة وقت الحرب، مثلما يجب ذلك وقت السلم؛ ويجب ألا تعرض القناة مطلقاً لمزاولة حق الحصار)
على أنه يحظر على سفن الدول المتحاربة المارة بالقناة وقت الحرب، بمقتضى نص المادة الرابعة أيضاً، أن تتزود من المؤن في القنال أو موانيه إلا بالقدر الضروري؛ ويجب عليها أن تخترق القناة بسرعة، وإلا تمكث في موانئ القناة اكثر من أربع وعشرين ساعة؛ ولا يسمح لها بان تنزل جنوداً أو ذخائر إلى البر. ويمكن أن يسمح لسفينتين حربيتين، كلتاهما بالبقاء في ميناء الوصول، ولكن لا يسمح لأي سفينة حربية بالبقاء في مياه القناة)
هذه هي خلاصة النصوص التي يقوم عليها نظام المرور في قناة السويس وقت السلم ووقت الحرب؛ وما تزال معاهدة سنة ١٨٨٨ هي المرجع والحكم في هذا الشأن، وإن كانت بعض نصوصها الأخرى قد ألغيت بفعل الظروف والتطورات الدولية. مثال ذلك أنه قد نص في المعاهدة على أن تقوم الحكومة العثمانية باتخاذ ما يجب لتنفيذ المعاهدة؛ ولكن