للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو بنت فلان، أو زوج فلان كانت تفعل كذا. فهي تأتي كل ما تشتهيه من ذلك تحت حماية البرقع والنقاب) فقد زال البرقع والنقاب، ولكن هل قدر قاسم أن المرأة السافرة ستلجأ إلى حماية أخرى فتجعل ثيابها تعبيراً دقيقاً عن أعضائها، وبدلاً من تلبس جسمها ثوباً يكسوه تلبسه الثوب الذي يكسوه ويزينه ويظهره ويحركه في وقت معاً، حتى ليكاد الثوب يقول للناظر: هذا الموضوع أسمهُ. . وهذا الموضع اسمهُ. . وأنظر هنا وأنظر هاهنا. . ما زادت المدنية على أن فككت المرأة الطيبة ثم ركبتها في هذه الهندسة الفاحشة!

وأراد قاسم أن يعلمنا الحب لنرتبط به الزوج معنا، فلم يزد على جرأنا على الحب الذي فر به الزوج منا، وقد نسى أن المرأة التي تخالط الرجل ليعجبها وتعجبه فيصيرا زوجين - إنما تخالط في هذا الرجل غرائزه قبل إنسانيته، فتكون طبيعية وطبيعتها هي محل المخالطة قبل شخصيهما، أو تحت ستار شخصيهما؛ وهو رجل وهي امرأة، وبينهما مصارعة الدم. . . وكثيراً ما تكون المسكينة هي المذبوحة. وقد أنتينا إلى دهرِ يصنع حبه ومجالس أحبابه في (هوليود) وغيرها من مدن السما، فإن رأي الشاب على الفتاة مظهر العفة والوقار قال: بلادة في الدم، وبلاهة في العقل، وثقل أي ثقل. وأن رأى غير ذلك قال: فجور وطيش واستهتار أي استهتار. فأين تستقر المرأة ولا مكان لها بين الضدين؟

اخطأ قاسم في إغفال عمل الزمن من حسابه، وهاجم الدين بالعرف؛ وكان من أفحش غلطه ظنه العرف مقصوراً على زمنه، وكأنه لم يدر أن الفرق بين الدين وبين العرف هو أن هذا الأخير دائم الاضطراب، فهو دائم التغير، فهو لا يصلح أبدا قاعدةً للفضيلة. وهانحن أولاء قد انتهينا إلى زمن العرى، وأصبحنا نجد لفيفاً من الأوربيين المتعلمين، رجالهم ونسائهم، إذا رأوا في جزيرتهم أو محلتهم أو ناديهم رجلاً يلبس في حقويه تبّاناً قصيراً كأنه ورق الشجر على موضعه ذاك من آدم وحواء، إذا رأوا هذا المتعفف بخرقه. . . . أنكروا عليه وتساءلوا بينهم. من؛ من هذا الراهب. . . .؟

ونسى قاسم - غفر الله له - أن للثياب أخلاقا تتغير بتغيرها فالتي تفرغ الثوب على أعضائنا إفراغ الهندسة، وتلبس وجهها ألوان التصوير - لا تفعل ذلك إلا وهي قد تغير فهمها للفضائل، فتغيرت بذلك فضائلها، وتحولت من آيات دينية إلى آيات شعرية. وروح المسجد غير روح الحانة، وهذه غير روح المرقص، وهذه غير وروح المخدع، ولكل حالة

<<  <  ج:
ص:  >  >>