احتفل أخيراً في إنكلترا بالذكرى المئوية لوفاة مسز (هيمانس) الشاعرة المؤترة التي تعرف في الأدب الإنكليزي (بحبيبة إنكلترا) وكانت وفاتها في مايو سنة ١٨٣٥. وهي شاعرة العواطف، وشاعرة الأمومة الرقيقة، ومسرات الأسرة والورع والرضى؛ وما زال شعرها الرقيق في كتابيها (كازابيانكا) و (قبور العائلة) مثالاً للنظم الأنيق المبدع الذي يملأ القلب سحراً وتأثراً. وكانت مسز هيمانس أستاذة للخيال الواضح والصور الرقيقة والانفعالات العميقة؛ وكانت تتبوأ في عصرها مقاماً عظيماً في الشعر، ولو أن أسلوبها اليوم قد عفا؛ وكانت ثقافتها الواسعة، ومواهبها الفنية موضع الإعجاب، وكانت تشتهر بالأخص بخلالها الرفيعة وجلدها ورقتها وتوضعها، حتى كانت تحمل عباقرة العصر مثل وردسورث وشيللي وبروننج وبيزون على إحترامها وإكبارها. وكانت ظروف حياتها المؤثرة تزيد في هذا التقدير، فقد كانت مسز هيمانس تنظم لتعيش، ولم يكن يهمها اختبار الجيد من الشعر، وإنما كان يهمها اختيار أكثر النظم قبولاً وانتشاراً.
وقد قطعت مسز هيمانس حياة قصيرة مؤثرة. فقد تزوجت الكبتن هيمانس في الثامنة عشرة، ولم تمض ستة أعوام حتى رزقت منه أربعة أولاد، ثم لم يلبث أن غادرها وحيدة. وهنا يبدو نبل هذه الشخصية، فقد احتملت كل أعباء الحياة صابرة جلدة، لا يضلها جمالها الباهر عن الطريق السوي؛ وسرعان ما ذبل هذا الجمال في حياة ملئها الشجن وهموم الأسرة؛ وفي سن الحادية والأربعين غادرت مسز هيمانس هذه الحياة بعد أن طبعت أمومة العصر بطابعها، وتركت لجنسها تراثاً ما زال يحمل على التقدير والإكبار.
استدراك
كتب إليّ جماعة يسألونني عن مؤلفات الشيخ بدر الدين الحسني رحمة الله عليه فحققت عنها فإذا هي قد أحترق مسوداتها حين احترقت مكتبة الشيخ. ولست أعرف للشيخ مؤلفاً باقياً. أما الفقرة التي سقتها بين يدي مقالتي عن الشيخ في (الرسالة) الخامسة بعد المائة فهي من ترجمة الشيخ المنشورة في جريدة ألف باء الدمشقية صبيحة وفاته مكتوبة بقلم أستاذ كبير من كبار تلاميذ الشيخ رحمه الله.