من تحبيب في الخير وتبغيض في الشر، وإنما هو تحريم خاص، ملفف بالرهبة والتقديس، ومفعم بالأسرار والمساتير
فالأمراء البولينزيون الذين يزعمون أن نسبهم الكريم يتصل بالأرباب يطلق عليهم (آريي تابو) أي الأمراء المقدسون؛ أما كلمة (نوا) فأنها تفيد العموم والاشتراك. فالمرأة في بولينيزيا توصف قبل أن تتزوج بنوا، أي أنها حرة طليقة تتزوج من تشاء، وإذا تزوجت أسدل عليها ستار صفيق من التابو فتحرم على الناس جميعاً خلا زوجها
وحدث أن رجلاً من (التونجا) مس جثة أمير ميت فحكم عليه بالحرمان التابوي عشرة أشهر قمرية لأن الأمراء مقدسون أحيا أو امواتاً، ومن يمس شعر أمير أو جسده أو عظمه أو يشترك في جنازته يطوق بالتابو. والمعروف في (نيوزيلاندة) أن القارب الذي ينقل جثة لا يجوز استعماله مرة أخرى، وإنما يطرح أبداً على الساحل بعد طلائه بالبياض
ويذكر الأستاذ ليفي برول في كتابه (العقلية الاولية) أن الرجل من قبائل (المركيزا) إذا ذبح عدوا له حكم عليه باللامساس عشرة أيام يحرم عليه في خلالها مس امرأته وإشعال ناره، فلا بد له إذن من طاه يطبخ له طعامه. والزاد الذي يحمله الشريف على ظهره يحرم على جميع الناس إلا على صاحبه! كأن التحريم أو (التتويب) قد انتقل من شخص الشريف إلى أشيائه! وشعور الأمراء محرم لمسها، ولو أن أميرا مس شعوره بإصبعه فعليه أن يدنيها من أنفه في سرعة ليستنشق رائحة القداسة التي علقت بها!
وفي الإصحاح السادس من سفر العدد من التوراة كلام مسهب عن شيء يدعى النذير، فقد أمر موسى أن يقول لبني إسرائيل: أنه إذا أنفرز رجل أو امرأة منهم لعمل نذر للرب. فالنذير يجتنب الخمر والخل ولا يشرب بمن نقيع العنب، ولا يمر موسى الحلاقة على رأسه؛ وينتهي النذر الإسرائيلي على نحو ما ينتهي التابو البولينزي، وذلك بأن يحلق النذير رأسه عند مدخل خيمة الاجتماع المقدسة فيأتي الكاهن إليه ويضع على يديه طعاماً
ومن عادات اليهود ألا يقسموا بالله الكريم، فهم يتورعون أشد الورع عن القسم باسم (يهوا) ومن يمس جثة ميت عد نجساً لمدة سبعة أيام، وتنتقل نجاسته إلى كل شيء يلمسه، وفي ختام الأيام السبعة يغسل لباسه ويستحم بالماء الطهور؛ وكذلك النفساء فهي نجسة لا تجوز مقاربتها في حال من الأحوال