للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المصري، ومبيناً ما بينهما من شبه لا مراء فيه؛ وبهذه الطريقة العلمية، وبعد تنقيب وبحث مدة أعوام، عمد إلى إثبات دعوى الاقتباس والأخذ، لا بمجرد القول يثيره غرب الشباب

إن علماء يوجد بينهم أمثال (ريفيو)، وأمثال المستشرق الفرنسي (هوداس) الذي يقول: (إن القرآن ليحوي بصورة كامنة جميع ما يمكن أن يصل إليه العقل البشري من معارف) و (كولد زيهر) الذي يقول: (يجب على المرء إذا شاء أن يكون عادلاً إن يسلم بأن في نظريات الإسلام قوة فعالة متجهة نحو الخير، وبأن توافق هذه النظريات تستطيع أن تكون حياة لا تشوبها شائبة من الناحية الخلقية؛ فهي توجب الرحمة لمخلوقات الله جميعاً، وحسن النية في المعاملات، والمحبة والوفاء، وكبح غرائز الأثرة)، والبارون (كارادي فو) الذي يكتب صراحة عن ابن خلدون (انه لم يسبق قط لعقل من العقول أن يكون لديه فكرة في فلسفة التاريخ أكثر وضوحاً من فكرة ابن خلدون؛ وأن ابن خلدون هو سلف علمائنا الاجتماعيين الحديثين الخ). وعلماء آخرون هم في هذه المنزلة أو أسمى؛ إن علماء كهؤلاء لا يمكن أن يزوروا بداعي التعصب الديني شريعة يسمونها بالفقه الروماني ويقتبسونها عن الشرع الإسلامي؛ ولا يعقل أن يسكتوا أمام تزوير كهذا

ثم إن بين أحكام الحقوق الرومانية، وأحكام الشريعة الاسلامية، ولا سيما فيما له صلة بالأحوال الشخصية، وحقوق الأشياء (حق الملك وما يتفرع عنه) اختلافاً وتبايناً لا يدعان عدا الأدلة التي ذكرناها مجالاً للشك بأن دعوى اختلاق الفقه الروماني من قبل علماء حديثين اقتبسوه عن الفقه الإسلامي ضرب من الخيال

فأولى بشبابنا ألا يكونوا أسرى عواطفهم من تعصب للدين والقومية، وكره لأوربا والثقافة الغربية، فيسرفوا في القول حتى يجانبوا المنطق

إن لحقيقة فوق العاطفة والهوى، والعلم لا وطن له. ثم إن في دعاواهم الغربية وتهمهم الفظيعة، بنية خدمة الإسلام ما قد يضر بالإسلام ويسيء بثقافة المسلمين الظنون

محمد محسن البرازي

أستاذ في معهد الحقوق بالجامعة السورية

<<  <  ج:
ص:  >  >>