للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشمسُ هنا جديدة، تُثبت أن الجديد في الطبيعة هو الجديد في كيفية شعور النفس به

والقمر زاهٍ رفَّافٌ من الحسن؛ كأنه اغتسل وخرج من البحر

أو كأنه ليس قمراً، بل هو فجرٌ طلع في أوائل الليل؛ فحصرته السماءُ في مكانه ليستمرَّ الليل

فجرُ لا يوقظ العيونَ من أحلامها، ولكنه يوقظُ الأرواح لأحلامها

ويُلقي من سحره على النجوم فلا تظهر حوله إلا مُسْتبْهمة كأنها أحلامٌ معلّقة

للقمر هنا طريقةٌ في إبهاج النفس الشاعرة، كطريقة الوجه المعشوق حين تقبّله أول مرة

و (للربيع المائي) طيوره المغردة وفراشه المتنقِّل

أما الطيور فنساءٌ يتضاحكنَ، وأما الفراشُ فأطفالٌ يتواثبون

نساءٌ إذا انغمسن في البحر، خيِّلَ إليَّ أن الأمواج تتشاحنُ وتتخاصم على بعضهن. . . .

رأيت منهن زهراء فاتنة قد جلست على الرمل جلسة حواءَ قبل اختراع الثياب، فقال البحر: يا إلهي. قد انتقل معنى الغرق إلى الشاطئ. . . إن الغريق من غرق في موجة الرمل هذه

والأطفال يلعبون ويصرخون ويضجُّون كأنما اتسعت لهم الحياة والدنيا

وخيِّل إلي أنهم أقلقوا البحر كما يُقلقون الدار، فصاح بهم: ويحكم يا أسماكَ التراب. . .! ورأيتُ طفلاً منهم قد جاء فوَكَزَ البحر برجله! فضحك البحر وقال: انظروا يا بني آدم!!

أعَلى الله أن يَعْبأ بالمغرور منكم إذا كفرَ به؟ أعلىَّ أن أعبأ بهذا الطفل كيلا يقول إنه ركلني برجله. . .؟

أيها البحر. قد ملأتك قوة الله لتُثبت فراغ الأرض لأهل الأرض

ليس فيك ممالك ولا حدود، وليس عليك سلطانٌ لهذا الإنسان المغرور

وتجيش بالناس وبالسفُن العظيمة، كأنك تحمل من هؤلاء وهؤلاء قشاً ترمي به

والاختراع الإنسانيُّ مهما عَظُم لا يغني الإنسان فيك عن إيمانه

وأنت تملأ ثلاثة أرباع الأرض بالعظَمَة والهول، رداً على عَظمة الإنسان وهوله في الربع الباقي؛ ما أعظمَ الإنسان وأصغره!

ينزلُ الناسُ في مائك فيتساوَوْن حتى لا يختلف ظاهرٌ عن ظاهر

<<  <  ج:
ص:  >  >>