تتكلم في هذا أو ترتئي فيه؛ لا لمقال ينشر في سنغافورة بعد خمسة وعشرين عاماً من نشره في مصر؛ وهو كل بضاعتنا وما تدور عليه مناقشتنا. والأمثل لنا أن ندرس فقهنا درساً جيداً، وندرس تاريخه درساً عميقاً؛ ويدرس قوم منا الرومان وتاريخ قانونهم، ثم نلتقي بعد ذلك لنبحث عن الحقيقة، ونتعاون على الوصول إليها، لا لنكفر كل قائل، ونتهم كل متكلم، ونتحدث عن الرومان والإسلام واليونان والعرب والفرنجة والمستشرقين والمبشرين في صفحة وبقطرة مداد واحدة. تلك نصيحتي إليك يا سيدي أكررها جزاء لك على خالص نصحك لي بأن أغير منطقي؛ وإني لعلى أتم استعداد لتغييره لو كان منطقي أنا، لكنما المنطق وحده عقلية إنسانية لا يد لي فيها ولا يد لك بتغييرها. فنبهني أصلحك الله إلى ما أحيد عنه من منطق الإنسانية، ولا تخلق لنا منطقاً خاصاً بنا فننعزل عن الدنيا؛ وكفانا ما كان من عزلة وانقطاع. وهذا الذي بينت هو الذي منعني من الخوض معك في مناقشة العلاقة بين القانونين - الروماني والإسلامي - وهو الذي تجنبته منذ كتبت أول ما كتبت وحين كتبت آخر ما كتبت
وإذا كنت - وحق المنطق وكرامة العقل - لم أغالطك مطلقاً، فإني وحرمة الأخوة الإسلامية لم يدر بخلدي أن أحقرك بل أنا أحقر من ذلك، والحق أجلُّ مني ومنك. والسلام عليك ورحمة الله