للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

زهاءَ تسع سنوات، كانت كلُّها خُطباً واستعداداً، وحرباً وجهاداً

وبعد فهذا بطل صنديد، وخليفة شهيد، نرى في طلبه الخلافة، وتعريض نفسه للمخاطر، إبان تلك الظروف العصيبة حدباً على المسلمين، وأنفةً أن يساموا الخسف من بني أُمية، ونوعاً من التضحية في سبيل الجماعة، كما نلمح في نفسه نزعةً ساميةً، وشرفاً وشجاعة، لا نجدها في كثير من رجالات عصره، فلقد كان هو رجل الوقت بلا منازع، لم يتوقع بنو أُمية الوثوب الظافر عليهم من غيره؛ ولقد صدقت فيه فراسة معاوية

والحق أن خلال عبد الله منذ تنشئته كانت ترشحه وتعده للخلافة، ولكن لأية خلافة؟ للخلافة المتقشفة الحريصة على أموال المسلمين أن تنفق في غير وجهها، لا تلك الخلافة المترفة التي تنغمس في النعيم، وتغمرُها أبهة الملك ومظاهر السلطان؛ ولو لم يرْنُ عبد الله بطرفه إلى هذا المركز السامي، لكان ذلك غريباً عن طبعه، مناقضاً لنشأته، وعلو همته وطموحه؛ فلنسجل له ثورته العنيفة الدامية على من طلبوا الملك والدنيا باسم الخلافة الإسلامية العتيدة

(ميت غمر)

محمد حسني عبد الرحمن

<<  <  ج:
ص:  >  >>