لا تتمُّ فائدةُ الانتقال من بلد إلى بلد، إلا إذا انتقلت النفس من شعور إلى شعور؛ فإذا سافر معك الهمُّ فأنت مقيمٌ لم تَبرحْ
الحياةُ في المصيف تثبت للإنسان أنها إنما تكونُ حيث لا يُحْفَلُ بها كثيراً
يشعر المرءُ في المُدُن أنه بين آثار الإنسان وأعماله، فهو هناك في رُوح العَناء والكَدْح والنزاع؛ أما في الطبيعة فيحُسُّ أنه بين الجمال والعجائب الإلهية، فهو هنا في روُح اللذة والسرور والجلال
إذا كنت في أيام الطبيعة فاجعل فكرك خالياً وفَرِّغْه للنَّبت والشجر، والحجَر والمَدَر، والطير والحيوان، والزهر والعُشْب، والماءِ والسماء، ونورِ النهار وظلام الليل، حينئذ يفتح لك العالَم بابَه ويقول: ادخل
لطْفُ الجمال صورةٌ أخرى من عظَمَة الجمال؛ عرفتُ ذلك حينما أبصرتُ قطرةً من الماء تلمعُ في غصن، فخيِّل إليّ أن لها عظمة البحر لو صَغُر فعُلِّق على ورقة
في لحظة من لحظات الجسد الروحانية، حين يفورُ شِعرُ الجمال في الدم - أطلتُ النظرَ إلى وردة في غصنها زاهيةٍ، عطرة، متأنقة، متأنثة؛ فكدت أقول لها: أنتِ أيتها المرأة، أنت يا فلانة. . .
أليس عجيباً أن كل إنسان يرى في الأرض بعض الأمكنة كأنها أمكنةٌ للروح خاصة؛ فهل يدلّ هذا على شيء إلا أن خيالَ الجنة منذ آدمَ وحوَّاء، لا يزال يعمل في النفس الإنسانية؟
الحياةُ في المدينة كشرب الماء في كوب من الخزف؛ والحياة في الطبيعة كشرب الماء في كوب من البلُّور الساطع؛ ذاك يحتوي الماءَ وهذا يحتويه، ويُبدي جمالَه للعين
واأسفاه، هذه هي الحقيقة: إن دقَّةَ الفهم للحياة تُفسدها على صاحبها كدقة الفهم للحب؛ وإن العقل الصغير في فهمه للحب والحياة، هو العقلُ الكاملُ في التذاذه بهما. واأسفاه، هذه هي الحقيقة
في هذه الأيام الطبيعية التي يجعلها المصيفُ أيامَ سرورٍ ونسيان يشعرُ كلُّ إنسان أنه يستطيع أن يقول للدنيا كلمةَ هزلٍ ودُعابة. . .
من لم يرزق الفكرَ العاشقَ لم ير أشياءَ الطبيعة إلا في أسمائها وشِياتها، دون حقائقها