الحرب في هذه المنطقة التي تجاور عدة من الأملاك البريطانية، ويهدد حلول إيطاليا فيها وادي النيل من منبعه إلى مصبه، ويضع السودان ومصر في مأزق خطر، ويجعلها عرضة لأخطار النزعة الاستعمارية التي تضطرم في إيطاليا، ويهدد من جهة أخرى مواصلات الإمبراطورية البريطانية في البحر الأحمر، وفي عدن وباب المندب بصفة خاصة؛ ولكن السياسة البريطانية لم توافق رغم ما بذلته من الجهود وما عرضته من الحلول إلى إقناع السياسة الإيطالية الجامحة المتوثبة بالعدول عن مطامعها وأحلامها العريضة في إقامة إمبراطورية استعمارية ضخمة في شرق أفريقية
والآن، وقد فشلت كل محاولة للتسوية السلمية، ولم يبق سوى اضطرام هذه الحرب الهمجية التي تصر الفاشستية على إضرامها تحقيقاً لمطامعها ومشاريعها المثيرة في افتراس الشعوب الآمنة، تحاول السياسة البريطانية أن تجد سبيلاً لمقاومتها وتحطيم مشاريعها، لا حباً بالحبشة، أو نصرة لقضية السلام في ذاتها، ولكن توسلا إلى درء الأخطار التي تتهدد سيادتها ومصالحها الإمبراطورية في البحر الأبيض المتوسط وفي شرق أفريقية إذا استطاعت الفاشستية أن تفوز ببغيتها في افتتاح الحبشة. وقد تستطيع السياسة البريطانية أن تشل حركة الفاشستية ببعض الإجراءات والمساعي التمهيدية، وقد لا تحجم عن أن تخوض معها غمار الحرب إذا لم تجد مناصاً من خوضها
ومن هذه الإجراءات والمساعي التمهيدية التي تفكر إنكلترا في التذرع بها لرد الفاشستية عن عدوانها، محاولة توقيع العقوبات الدولية التي ينص عليها ميثاق الأمم. وقد كثرت الإشارة أخيراً إلى هذه العقوبات ومداها ومبلغ ما ينتظر من تأثيرها إذا طبقت. ولهذا نرى مناسبة لأن نتناولها بشيء من الشرح والتفصيل، فنقول إن المادة (١٥) من ميثاق العصبة تنص على الإجراءات والقرارات التي يمكن اتخاذها لتسوية المنازعات الدولية التي قد تقع بين أعضاء العصبة عن يد العصبة ذاتها وما يمكن أن يقوم به مجلس العصبة في هذا السبيل. وتنص المادة التالية أي المادة (١٦) على العقوبات الدولية التي يمكن توقيعها على الدولة التي تخالف تعهداتها وتلتجئ إلى الحرب، وإلى القارئ نص هذه المادة الشهيرة كاملاً:
(إذا التجأ عضو من أعضاء العصبة إلى الحرب خلافاً للتعهدات المنصوص عليها في