للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بيضاء، يرتدي سروالاً وجبه، نظيف البزة، وسيم الطلعة، حسن القيام على نفسه

- ماذا فعلت يا ابن أخي، لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية

قلت: ويرد الصدقة

قال: ويرد الصدقة؟! ولكن قسما بهذه اللحية - وقبض على لحيته - إن الهدية قد صنعت على اسمك وحملتها من دمشق إليك

قلت: أشكرك. . . أشكرك. . .

قال: ولا أزيدك علماً أنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما معناه: (من أُهدي إليه شيء ورده فكأنما ردّه على الله)

قلت: صدق رسول الله الكريم. . أنا لا أشك في حسن نية الشيخ، ولكن القانون يا عم. . . هذا القانون المكلفون نحن قبل غيرنا بحفظه واحترامه ينهانا عن أخذ مثل هذه الهدية، فهي في عرفه رشوة والعياذ بالله، يستحق معطيها وآخذها شديد العقاب - إليك المواد - ٦٧ و٦٨ و٦٩ و٧٦ من قانون العقوبات العثماني - وقرأت له نصوصها - إنه لأمر خطير

وقلت له:

ولكي تثق بواسع علم المشرع الذي سن لنا قانون العقوبات وببعد نظره أروي لك هذا الحديث الشريف المثبت في الصحيحين عن أبي حميد الساعدي قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأزد يقال له ابن النبيه على الصدقة فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي فقال النبي: ما بال الرجل نستعمله على العمل مما ولانا الله فيقول هذا لكم وهذا أهدي إلي فهل قعد في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر أيهدى إليه أم لا!)

وهنا صمت الشيخ ولكن لسان حاله كان يقول:

- لقد عرفت كثيرين غيرك من الموظفين كباراً وصغاراً فلم يحدثني واحد منهم عن مواد قانون العقوبات ولا عن حراسة القانون، لم يذكر لي واحد منهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم مع عامله على الصدقة بل كان أمري معهم ولا يزال على عكس تماما فأنا مكلف عند كل خطوة وعند كل حاجة أن أقدم الهدايا وألبي الطلبات. . .

وإلى هنا انتهى حديث الصديق فوجدته جديراً بالتدوين؛ فدونته في الحال؛ وهاهو كما سمعته بلا زيادة ولا نقصان.

<<  <  ج:
ص:  >  >>