للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الناهضة الجَيْداء. . . ربيبة الآلهة، ولمحة الأولب، وبندورا الثانية. . .)

تزوج أوليسيز من بنلوب هذه، فأخلصت له الحب، وأصفاها المودة والغرام؛ وولدت طفله الجميل المتلألئ تليماخوس (تلماك)، فزادت محبتها له، وتضاعفت عبادته لها، بعد هذا الرباط القدسي الكريم

عز على أوليسيز أن ينأى عن زوجته الجميلة وطفله العزيز المحبوب، لا لشيءٍ يجر عليه مغنماً أو رفعة، ولكن ليحارب حرباً لا تعلم إلا الآلهة كيف تنتهي؛ فقد تكون عقباها القتل أو الغرق أو الأسر، فتعيش الزوجة الجميلة أيما محزونة، ويحيا الطفل يتيماً مُفجعاً. . . وثمن ماذا كل هذه المصائب وتلك الآلام؟ ثمن امرأة أذلت سادة هيلاس، وجرحت كبرياء زوجها، وفضحت أباها. . . ثم. . . هتكت عرضها، إذا كان لها عرض، بفرارها مع هذا العاشق الفاجر الأثيم!!

لم يشأ أوليسيز أن يقامر بسعادته وحياته في هذه الحرب إذن، ولو كان في ذلك، كله أو بعضه، الحنث العظيم. . . فما يمين شرفٍ هذه التي يتمسك بها ملك كملك إيتاكا، من أجل امرأة ليس لها شرف؟!

ليقعد إذن عن هذه الحرب، وليصم أذنيه دون صيحتها الكبرى، فإذا ألح عليه الملحون. . . فهو مجنون مأفون مخبول. . . لا تهيمن عليه مسكةٌ من عقل ولا ترشده أثارة من تفكير

أرسلوا إليه رسولهم السياسي الكبير بالاميديز يحضه على الحرب ويذكره بيمينه التي آلاها، ويحرضه على (الطرواديين اللؤماء، الذين يوشكون أن يفضحوا الهيلانيين في أعراضهم) ولكنه ألفاه يحرث شاطئ البحر بمحراثٍ هائل يجره ثورٌ ذو خوار. . . وحصان عربي أصيل!!

- (عم صباحاً أيها الملك. . .)

- (. . .!. . .)

- (ماذا يصنع مولاي؟)

- (أحرث هذا الحقل الخصيب!)

- (أي حقل؟)

- (الحقل الذي ترى. . . أليس لك عينان تسمع بهما، وأذنان تريان ما أفعل؟)

<<  <  ج:
ص:  >  >>